دروس مصرية من أزمة «سد الخيبة»
محمود البرغوثي الأرضعمداً أسقطتُ كلمة «النهضة» من العنوان، كون السد الذى سيكون موضوع هذا المقال، يبتعد كل البعد عن توليد الكهرباء بهدف التنمية والنهوض بالإنتاج وتحقيق الرفاه للإنسان، وهى مفردات من ترجمة حيوية للكلمة المنسوخة، أى المتروكة أو المعطلة.
والدروس التى أفادت مصر بها المصريين وحيّرت العالم، من صفحات أزمة هذا البناء الركامى الضخم، يضيق المقام هنا لسرد القليل منها، لكن ننتقى منها ما يلى لأهميته:
- رفعت مصر استعداداتها القصوى، دون ضجيج، لتوفير خزانات لوجستية سطحية وجوفية لاستيعاب ضعف ما يختزنه «سد الخيبة»، فى حالة انهياره بضغط 72 مليار متر مكعب مياه، قد لا يتخيل الإنسان العادى مدى الدمار الذى سيحدثه طوفانها، لكنه على الأقل يساوى أضعاف توسونامى الهند الذى أوقع 300 ألف ضحية، ودمر إندونيسيا، وكان ذلك فى 26 ديسمبر 2004.
اقرأ أيضاً
- تفاصيل أخطر ٢٤ ساعة في أزمة سد النهضة
- شكري: كافة الخيارات تبقى مفتوحة بشأن أزمة سد النهضة
- وزير الري: جهزنا ملف عن أزمة سد النهضة لعرضه على الأمم المتحدة
- . خبير: الاتحاد الإفريقي بدأ خطوات جدية لحل أزمة سد النهضة بين مصر والسودان وإثيوبيا
- وزير الخارجية للدول العربية: أزمة سد النهضة قضية وجودية بالنسبة لمصر والسودان
- وزير الخارجية أمام جامعة الدول العربية: إثيوبيا لا تريد سوى فرض رؤياتها قسراً في أزمة سد النهضة
- تحرك مصري جديد لحل أزمة سد النهضة
- وزير الخارجية والري يستقبلان المبعوث الأمريكي للقرن الأفريقي لبحث أزمة سد النهضة (صور)
- السودان يكشف تفاصيل المبادرة الإماراتية الغير رسمية بشأن أزمة سد النهضة
- وزير الخارجية: لا يمكن التعامل مع أزمة سد النهضة في إطار المفاوضات عندما يتخذ طرف إجراءات أحادية
- سامح شكري: تفهم روسي لأهمية حل أزمة سد النهضة بالنسبة لمصر وشعبها
- السودان: لا يوجد ارتباط مع مصر في أزمة سد النهضة.. ولا اتفاق ثنائي مع إثيوبيا
- عكست مصر أعلى درجات الدبلوماسية على مؤشر السياسة العالمية، حيث زادت فصول ضبط النفس، فيما يتعلق بالتصريحات أو الأفعال، مع أن أفعال إثيوبيا كانت استفزازية، تستهدف جرجرة مصر شعباً وقيادة إلى هاوية ردود الفعل التى لا تتسق مع دول حقيقية مثل مصر.
- نجحت القيادة السياسية فى تصوّر ما قد تحدثه الأزمة التى حاكتها إثيوبيا بأيدى غيرها من الطامعين فى زعزعة شخصية مصر، فانتفضت الطاقات العلمية فى وزارتى الرى والزراعة، لرفع كفاءة استخدام قطرة المياه، وتعزيز المجارى المائية بضمانات سريان القليل من المياه إلى أقصى نهايات الترع.
- عمدت القيادة السياسية لتحويل المجارى المائية (ترع ومصارف)، إلى جداول مائية نظيفة، تعكس البهجة وتوفر مساحات وممرات ومماشى للمتنزهين، وذلك بعد إنجاز عمليات التبطين التى بلغت حالياً 2101 كيلومتر، من إجمالى 7 آلاف كيلومتر تمثل المرحلة الأولى المستهدفة، التى تكتمل بنحو 20 ألف كيلومتر على مستوى الجمهورية.
- استثمرت مصر سحابة النكد السياسى التى طرحتها إثيوبيا على مصر وأشقائها الأفارقة، وذلك باستعادة مكانتها التاريخية العريقة فى مساعدة الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل، فيما يخص برامج ومشاريع رفع كفاءة استخدامات المياه، وحصد الأمطار، والتنبؤ بسقوطها، مثل إنشاء مركز التنبؤ بالأمطار والتغيرات المناخية بالعاصمة الكونغولية، كينشاسا، والذى تم تزويده بأحدث نظم التنبؤ بالأمطار، ما يمكنه من دراسة آثار التغيرات المناخية على دولة الكونغو الديمقراطية، والوقوف على إجراءات حماية المواطنين من مخاطر التغيرات المناخية المفاجئة.
- درّبت مصر طاقم المركز الكونغولى على استخدام نظم التنبؤ بالأمطار والفيضان وتحليل الصور الجوية وتشغيل نظم المعلومات الجغرافية والنمذجة الهيدرولوجية وإعداد التقارير الفنية.
- وللتاريخ، قامت مصر بتمويل وبناء وإعداد الدراسات الفنية لإنشاء السدود، فى معظم الدول الأفريقية، مثل: سدود جبل الأولياء فى السودان، وسد (أوين) بأوغندا وسد (روفينجى) فى تنزانيا، ومشروع سد (واو) متعدد الأغراض فى دولة جنوب السودان، كما نفذت العديد من الدورات التدريبية للكوادر الفنية من الدول الأفريقية ودول حوض النيل فى مجالات أنظمة الرى الحديث وكفاءة استخدام المياه وإدارة المياه الجوفية واستخدام الموارد المائية غير التقليدية، وأمان السدود وتقييم الآثار البيئية لمشروعات المياه وهندسة هيدروليكا أحواض الأنهار وإدارة أحواض المياه المشتركة.
- تلك كانت بعض الدروس المستفادة من أزمة كبيرة تتعامل معها مصر بحزم يحيّر صانعيها، وبضبط نفس يغيظ مخططيها، والله قادر على أن يرد الكيد إلى نحور المتربصين بمصر والمصريين.