قراءة في لقاء الرئيس لمتابعة المشروعات الزراعية القومية
د. شاكر عرفات الأرضد شاكر عرفات مدير معهد تكنولوجيا الأغذية يكتب:
قراءة في لقاء الرئيس لمتابعة المشروعات الزراعية القومية
التغيرات متلاحقة فى جميع المجالات خاصة المجال الزراعى، الذى يشهد اهتماما غير مسبوق لدى الدولة، حيث يرتبط الانتاج الزراعى بتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين.
وتشير مؤشرات التعداد السكانى إلى ان هناك زيادة مضطردة فى عدد السكان في مصر، مما يؤثر بشكل مباشر على زيادة الطلب على الغذاء ، وهنا تاتى اهمية المشروعات القومية الزراعية لتلبى احتياجات المواطنين وايضا تجابه الزيادة المضطردة فى عدد السكان.
اقرأ أيضاً
- الرئيس السيسي يتابع جهود توطين صناعة مراكب الصيد في مصر
- نقيب الزراعيين يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة حلول العام الميلاد الجديد
- وزير الزراعة: مصر نجحت رغم الازمات العالمية في تنفيذ مشروعات ساهمت في تحقيق الأمن الغذائي
- وزير الزراعة اللبناني: السيسي بطل عظيم في زمن صعب
- الرئيس السيسي يصل واشنطن للمشاركة في القمة الأمريكية الأفريقية
- السيسي يبحث مع مدبولي وشاكر إمدادات التغذية الكهربائية لمشروع الدلتا الجديدة
- السيسي يلتقي رئيس وزراء العراق في الرياض ويناقشنا أهم الملفات المشتركة بين البلدين
- الفاو: نحتاج إلى 1.9 مليار دولار لإنقاذ الملايين من إنعدام الأمن الغذائي
- الرئيس السيسي يشارك بالقيمة العربية الصينية الأولى بالسعودية
- الرئيس السيسي: «النمو السكاني هياكل البلد»
- السيسي يوجه بتوطين صناعة الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية في مصر
- السيسي يجري اتصالا هاتفيا برئيس جمهورية غينيا الاستوائية
ووزراة الزراعة منوط بها توفير المنتجات الزراعية لتعزيز الامن الغذائى، لذا وجبت الإشارة الى المشروعات الزراعية التي تبنتها القيادة السياسية فى السنوات القليلة الماضية، حيث تهدف هذه المشروعات إلى التوسع فى الانتاج الافقى والراسى والاستفادة من وحدتى الارض والمياه لتحقيق الامن الغذائى للمواطنين.
شملت المشروعات مبادرة فخامة الرئيس بالتوسع فى زراعة 1.5 مليون فدان - مبادرة 2.5 مليون نخلة - الدلتا الجديدة - مستقبل مصر - تبطين الترع - الاستزراع السمكي - مراكز تجميع الالبان - التوسع فى الزراعة فى شمال ووسط وجنوب سيناء، بالاضافة الى محطات تحلية المياه، وتفعيل دور الزراعة التعاقدية التي سيكون من أهم فوائدها زيادة دخل المزارع وإحياء التركيب المحصولي المتوافق مع البيئة والمناخ.
ان التوسع في قطاع الزراعة يحتاج الى توفير مستلزمات انتاج وايضا اساليب وتقنيات حديثة فى الزراعة بالاضافة الى توفير سلالات وهجن جديدة تتميز باحتياجاتها المائية القليلة وقدرتها على مقاومة الامراض وانتاجيتها المرتفعة وقدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية، واعادة توزيع الخريطة الصنفية للمحاصيل الزراعية وفقا للتغيرات المناخية.
هذه الاحتياجات تبرز دور القطاع البحثي بوزارة الزراعة، متمثلا في مركز البحوث الزراعية، حيث يقدم دورا مهما ونموذجيا فى استخدام التقنيات الحديثة لتوفير متطلبات الزراعة الحديثة، بناء على تكليفات مباشرة من وزير الزراعة ورئيس المركز للباحثين، للوقوف جنبا الى جنب مع المزارعين للتعرف على المعوقات التى تواجههم وحلها.
وحلول المعوقات الإنتاجية الزراعة يأتي من خلال الدعم الفنى والعلمى لهم لزيادة معدلات الانتاج وزيادة دخلهم، وذلك من خلال المدارس الحقلية والعيادات الزراعية لتطبيق الممارسات الزراعية الجيدة، للوصول الى منتج غذائى مطابق للمواصفات القياسية، (آمن وصحي ومغذي للجميع)، وبأسعار مناسبة، بالاضافة الى امتلاكه القدرة التنافسية فى الاسواق المحلية والعالمية لزيادة النافذة التصديرية.
أهمية التصنيع الزراعي
ومع توافر المنتج الزراعى هنا، ياتى دور التصنيع الزراعى والذى يعتبر من القطاعات المهمة للدولة المصرية، حيث ان له أثرا مضاعفا على العديد من القطاعات الاخرى، حيث يساهم التصنيع الزراعى فى الارتقاء بالزراعة ورفع القيمة المضافة من المحاصيل الزراعية وتقليل الفاقد منها، كما يؤدى الى الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين من خلال توفير منتجات غذائية امنة وصحية بالاضافة الى حماية البيئة من خلال تطبيق نظم الممارسات التصنيعية الجيدة.
وبشكل عام، يمكن إيجاز الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية للصناعات الغذائية فى الاقتصاد القومي في النقاط التالية:
- رفع القيمة المضافة للمنتجات الزراعية.
- تقليل الفاقد والمهدر من المنتجات الزراعية.
- تحقيق حالة من التوازن النسبى بين العرض والطلب على فى سوق المنتجات الزراعية.
- توفير العديد من فرص العمل وتحقيق دخل مميز بالاستقرار النسبى.
- يساهم التصنيع الزراعى فى توفير سلسلة من التوريد الاخضر، حيث تقوم الشركات الكبرى فى تقديم الدعم الفنى للموردين من المزارعين وذلك لمساعدتهم على تحقيق زراعة مستدامة والالتزام بالمعايير البيئية ومعاير سمة المنتج.
- إتاحة فرص تصديرية جيدة.
- المساهمة فى استقرار الاسعار وبالتالى الحد من التقلبات السعرية الموسمية.
وتتميز مصر بالتنافسية فى التصنيع الزراعى وقدرتها الكامنة تفوق بكثير المعوقات والتى يمكن التغلب عليها ومن اهم هذه الميزات التنافسية:
- موقع مصر الجغرافى وقربها من اسواق التصدير الرئيسية فى الاتحاد الاوروبى والدول العربية والافريقية.
- توافر انتاج المحاصل على مدار العام.
- ارتفاع انتاجية وحدة المساحة
- التوسع فى الاستصلاح الزراعى
- الطلب المتزايد على الانتاج الزراعى والصناعات الزراعية نتيجة ازمة الغذاء العالمى وارتفاع اسعار هذه لمنتجات وهذا ادى الى زيادة معدل نمو الصادرات لغذائية المصرية فى السنوات الاخيرة.
- استراتيجة وزارة الزراعة لتحقيق التكامل بين الزراعة والصناعة وزيادة دخل المزارع من الزراعة وزيادة الاستثمار من خلال زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية وتطوير تكنولوجيات جديدة لتوجيه نسبة كبيرة منها الى التصنيع.
- تدوير المخلفات الزراعة ومخلفات التصنيع الزرعى واستخدامها فى انتاج الاسمدة العضوية والاعلاف وغيرها.
- انتشار فرص التصنيع الزراعى فى جميع محافظات مصر فلا تخلو محافظة من منتج زراعى يمكن تصنيعه وتعظيم القيمة المضافة له.
إعادة إحياء "قها - أدفينا"
تطرق لقاء السيد رئيس الجمهورية بالقائمين على تنفيذ المشاريع الزراعية القومية، الى احياء ريادة الشركات الوطنية ذات الريادة فى التصنيع الغذائى، حيث لم يتوقع احد ان يكون فى مصر كيان اسمه مدينة الصناعات الغذائية، والان اصبح هذا الكيان قائما، بل تم انشاء وافتتاح مجمع صناعات غذائية به، وهو مجميع "سايلو فوود".
وخلال الاشهر القليلة الماضية، وجه فخامة الرئيس بانشاء منطقة صناعية اخرى تحت مسمى "قها - أدفينا" وذلك بهدف دعم الاقتصاد القومى، حيث بدات الوزارات المعنية ومن بينها وزارة الزراعة فى اعداد خطة شاملة لتطوير الشركتين (قها وأدفينا) ضمن عمل استراتيجى متكامل يستهدف اعداد تصور واضح للاستفادة من الشركات التابعة للشركة القابضة للصناعات الغذائية، وذلك لاستعادة الانتاج المتميز لهما بما يعزز قيمة المنتج الوطنى فى الاسواق المحلية ويرفع القدرة التنافسية ويعظم فرص التصدير.
ويشير الموقع الذى تم اختيارة لاقامة شركة قها - أدفينا، إلى أنه اختيار استراتيجى بناءا على توجيهات الرئيس السيسى، حيث يتوافر فى الموقع شروط التنافسية والميزة النسبية، منها: توافر سبل النجاح كافة واستدامة الإنتاج المتميز من حيث القرب من الموانئ والطرق والمحاور، وكذا مناطق الإنتاج حيث يسهل توفير المواد الخام وتقليل تكاليف لنقل.
ونشير إلى أن شركتى قها وادفينا لهما تاريخ فى وجدان المواطن المصرى فى القرن العشرين، حيث كانت توفر شركة قها وادفينا حوالى 90 % من متطلبات السوق المحلية للاغذية المحفوظة والمشروبات، ولذا فإن استراتيجية اعادة هيكلة شركتى قها وادفينا تهدف الى احياء الدور الوطنى للشركتين فى شكل متكامل، ومن المعروف ان اجيالا عديدة من المصريون تعلقت بمنتجات الشركتين.
وما يجب تسليط الضوء عليه هنا، هو ان شركة قها قد بدات فى انتاج الوجبات الساخنة الطازجة المطبوخة من الخضار واللحوم، واصبحت المورد الرئيسى للجيش المصرى فى حرب 1973، ثم بدات فى تقديم هذه الوجبات الى بعض الدول العربية، حيث تتميز الوجبات بالمذاق الجيد الذي جذب المستهلك العربى.
الرئيس السيسي وزراعة الزيتون
وخلال استعراض الرئيس للمشاريع القومية الزراعية، اكد سيادته على الاهتمام بالتوسع فى زراعة الزيتون وصناعته لزيادة القيمة المضافة منه، وفتح اسواق جديدة وزيادة الصادرات منه، وهنا سؤال لماذا الزيتون؟
الزيتون تتم زراعته فى المناطق التى لا تنافس المحاصيل الاستراتيجية، وهى شجرة مباركة لها اهمية اقتصادية وبيئية واجتماعية هامة، حيث تتميز شجرة الزيتون بان احتياجاتها المائية منخفضة وتتحمل الظروف البيئة، كما تتحمل الملوحة، كما أنها شجرة بلا مخلفات، حيث تؤكل ثمارها وتُصنَّع أوراقها إلى منتجات دوائية ومشروبات مهمة، وتدخل نواتج تقليمها مثل الأفرع في صناعة الأخشاب.
هذا وتحتل مصر ميزة نسبية فى انتاجية الفدان، وكذلك فى جودة الثمار وتنوعها فهى مطلوبه فى اسواق كثيرة من العالم.
وهنا، تجدر الاشارة الى ان اصناف الزيتون تنقسم الى عدة اقسام تعتمد على تركيب الثمار الى اصناف زيتون لانتاج زيتون المائدة واصناف زيتون لانتاج زيت الزيتون واصناف زيتون يمكن استخدامها للتخليل وايضا لانتاج زيت الزيتون ويطلق عليها اصناف ثنائية الغرض.
وتنتشر زراعة الزيتون فى مصر فى سيناء ومطروح خاصة سيوه وفى وادى النطرون والفيوم والوادى الجديد، ثم توالت التوسعات فى قطاع الزيتون حيث شملت محافظات المنيا واسيوط والاسماعيلية والشرقية والسويس وغيرها.
وتمتاز مصر بامتلاكها مجموعة من الاصناف المحلية التي تتميز بخواص جودة تفوق جميع الاصناف العالمية، كما تتوطن اصناف اخرى فى مصر عبر مئات السنين فى سانت كاترين، حيث تنمو فى الوديان بشكل طبيعى وتوارثها الابناء من الاجداد، كما أن الاصناف الاجنبية التي تم استيرادها من فترات طويلة اصبحت متاقلمة مع البيئة المصرية، والآن نطلق عليها اصناف مصرية لانها توطنت ونجحت زراعتها فى مصر باستثناء بعض الاصناف والتى يكون الزيت المستخلص منها غير مطابق للممواصفات الدولية مثل الاربكوين والاربوسانا والاوليانا.
وفى هذا السياق، يزرع فى مصر نحو 60% من اهم اصناف العالم من حيث الجودة والقدرة على المنافسة فى الاسواق العالمية. بالاضافة الى استنباط هجن وسلالات جديدة ذات ميزة نسبية فى الانتاجية وتلائم طرق الزراعة الحديثة بالاضافة الى ان الزيت المستخرج منها مطابق للمواصفات الدولية.
والقيمة المضافة لشجرة الزيتون مرتفعة ولها جوانب مختلفة، حيث يتم تصنيع (تخليل) ثمار الزيتون بطرق معتمدة معروفه فى الاسواق العالمية لتلبى رغبات المستهلكين، وينتشر فى مصر تخليل الزيتون بهذه الطرق من خلال شركات كبرى او من خلال معامل صغيرة او متوسطة، كما تتوافر ايضا تقنيات للحصول على منتجات مختلفة من ثمار الزيتون بعد تخليها منها الزيتون الشرائح والمخلى والمحشو.
تقنيات عصر الزيتون
وتتوافر فى مصر تقنيات استخراج زيت الزيتون الحديثة والتى تعتمد على طرق الاستخلاص المستمر للحفاظ على جودة الزيت المستخرج.
وعلى الرغم من ان مصر تنتج كميات محدودة من زيت الزيتون، الا انها تمتاز بخواص جودة مرتفعة وقدرة على المنافسة، ولكن لابد من التوجه الى التوسع فى اصناف زيتون الزيت مع الاحتفاظ بمعدل ثابت من التوسع فى زراعة اصناف زيتون المائدة، والتى تمتلك مصر فيها ميزة نسبية اقليميا وعالميا.
يبقى التأكيد على أهمية التوجه الى تسويق الزيتون المصرى (زيت زيتون - ثمار زيتون) فى صورة مجزأة تحت اسماء ماركات تحمل الهوية المصرية، ويكتب عليها "صنع فى مصر"، لان هذا يزيد من القيمة المضافة وزيادة النافذة التصديرية.