الدواجن والبيض .. البروتين المظلوم
بقلم ـ محمود البرغوثى الأرض
حتى الآن تتسارع تكاليف إنتاج كيلو الدجاج وطبق البيض، لتضرب سقف 63 جنيها، بعد الاستجابة الفورية من مستوردي خامات الأعلاف مع الهبوط الاضطراري لسعر الجنيه المصري أمام الدولار الإثنين 21 مارس 2022، ومع هذه التكلفة لم يفلح منتجو البيض بيع إنتاجهم بأكثر من 47 جنيها للطبق، مع خطة كبار المحتكرين لتصريف أرصدتهم المخزنة عدة أيام، بالاتفاق مع التجار.
سعر بيع الدواجن في اليوم التالي لهبوط الجنيه أمام الدولار (الثلاثاء) من عنبر التربية، سجل 35 جنيها للكيلو القائم، ليصل إلى المستهلك بـ 39 جنيها في الريف والأحياء الشعبية، و42 جنيها في الحضر، وذلك قبل أن يشتري المربي الأعلاف بالأسعار الجديدة التي لم يستطع مصنع العلف تحديدها أو ربطها بسقف يحمي أمواله، ويرحم المربي أملا في استمراره مُنتِجا للبروتين الممظلوم.
مستوردو الصويا ألحوا على أصحاب العنابر التي تملك خطوط تركيبات علفية، ومصانع الأعلاف المتوسطة للشراء بسعر 10400 جنيه للطن، الأحد السابق للإثنين المعلوم، ليخسر كل من رفض شراء جرار (100 طن)، 140 ألف جنيه تمثل فرق السعر للطن ذاته، بين الأحد والثلاثاء حينما قفذ إلى 11800 جنيه.
منتجو الأعلاف ومستوردو الخامات لم يرفضوا البيع، لكن وضعوا شروطا لم يرها المربي جشعا، حيث تتوافر المبررات المنطقية، إذ يفرض الأول إيداع رصيد بنكي مسبقا للذرة أو الصويا، أو زيت الصويا، مضروبا في 1.35، ليرسل البضاعة بدون تسعير، وليتوالي الإيداع كأرصدة مقابل إرسال الخامات بدون تسعير، حتى تستقر قيمة الجنيه أمام الدولار الطائر.
النتيجة التي لم يصدقها المستهلك، أنه طبق البيض الذي يشتريه حاليا بنحو 65 جنيها، وهو سعر غير رحيم بالمرة، قد بيع من عنبر إنتاجه بـ 47 جنيها فقط، رغم أنه يكلف منتجيه ما يترواح بين 60 و63 جنيها، أي بخسارة من 13 ـ 16 جنيها لكل طبق.
وللعلم، فإن عنبر إنتاج البيض الكبير يستوعب 56 ألف دجاجة بياضة، تبلغ تكلفة تربيتها حتى أول يوم إنتاج، نحو 7.5 مليون جنيه، ويُنتج هذا العنبر في متوسط ذروة حصاده اليومي نحو 1490 طبق بيض يوميا (عند كفاءة إنتاج 80%)، ما يعني أن خسارته في ظل هذه الأوضاع تتراوح بين 13370 و23840 جنيها طلعة كل صباح، ومع ذلك تستعر على صفحات التواصل حملات السب والشتم والاتهام بالجشع ضد هؤلاء المكلومين الذين يخسرون كل يوم من أرصدتهم، ومن استثماراتهم، وبالتالي عدم القدرة على إطعام قطعانهم، فيهبط معدل الإنتاجية، ويتم تسريح عمالتهم كنتيجة طبيعية لهذه الخسائر.
وما الحل إذن: ليس هناك أسهل من أن تشمل حزمة التسهيلات والإعفاءات الرئاسية الصادرة أخيرا، منتجي الدواجن والبيض وكل منتجي الغذاء في مصر، وذلك بإعفاء مدخلات إنتاجهم من كافة أنواع الرسوم الإدارية، وإعادة حساب تعويضات المضارين من أوبئة الدواجن (من وزارة الزراعة إلى حوزة اتحادهم)، وإعفائهم أيضا من الضرائب العقارية على منشآتهم الإنتاجية، ومنحهم تخفيضات فورية على أسعار الكهرباء والطاقة، لتستمر جهودهم حية في تشغيل ماكينة إنتاج البروتين المظلوم، والغذاء الاستراتيجي، كونهم حَفَظة الأمن والسلم الاجتماعيين.