الوصية الأخيرة من يوسف والي
بقلم: د. شكرية المراكشى* الأرضكنت أتابع ما تعرض له المرحوم من اتهامات، وما تحمله من ظلم إلى أن ظهرت براءته بمحكمة علمية رفيعة المستوى، وهي عدالة ناجزة للإنسان وهو على ظهر الدنيا.
وكنت أزوره من وقت لآخر في بيته، حين ألزمه المرض الفراش، كما كنت أتردد على زيارته كل يومين في مستشفى الزراعيين في الدقي، وكان في بعض الأحيان يتكلم معي حتى الزيارة الأخيرة قبل وفاته بنحو عشرة أيام فقط.
كانت الزيارة الأخيرة برفقة أحد الأصدقاء، وبحضور أفراد من أسرة الراحل العظيم الدكتور يوسف والي نائب رئيس مجلس وزراء مصر الأسبق، ووزير الزراعة منذ 1982 حتى عام 2004.
اقرأ أيضاً
- تجربتي مع الحليب 60 عاما
- انقذوا معرض صحارى «الدولي»
- مدرس الابتدائي .. معلِم وصانع
- للعام السابع على التوالى .. الشرقية تحصد المركز الأول في توريد القمح.. كماً وجودة
- الزراعة: عودة صرف الأسمدة للمساحات ٢٥ فدان وأكثر
- الزراعة: 6 شروط هامة يجب اتباعها خلال موسم قطف ثمار البرتقال واليوسفي
- كل ماتريد معرفته عن الكينوا.. المواصفات القياسية والشروط التصديرية للمحصول
- أبو اليزيد عن ”يوسف والي”: كان طفرة بشرية.. صور نادرة
- د. صلاح عبد المؤمن يتذكر: يوسف والي خلع سترته الثمينة لعامل في عرض الطريق
- حامد الشيتي عن ”يوسف والي”: قدم خير لمصر
- د. منى محرز: تعلمت من ”يوسف والي” المعاني الحقيقية للتفاني في خدمة مصر
- المجلس التصديري يرحب بجائزة ”يوسف والي”
أفاق الدكتور يوسف والي من غفوته فجأة، ليجدني جالسة بجانبه، فرفع رأسه قليلا، ونظر تجاهي، ثم سحب يدي بعد أن عرف صوتي وتأكد منه، وكرر جملة لم تزل تطن في أذني: لا تتركي الكينوا من بين يديك هذه .. وشدد بالقول: اوعديني ألا تتركي الكينوا .. أنت تعبتِ كثيرا لنشرها .. كل ما تفعليه ليس لك .. هو للاجيال القادمة.
أجبته والدموع تغرق عيني بأن الكينوا ابنتي، وهل تترك الأم ضناها؟
يومها وعدت الراحل العظيم الذي أعطى الزراعة المصرية بشهادة علمائها أعظم ما يقدمه إنسان إلى الإنسانية.. وعدته ألا أتركها أبدا، "وسوف أعمل كل ما في طاقتي وجهدي لنشرها لأني مؤمنة بها وبمستقبلها العالمي والقومي".
كانت هذه وصيته الأخيرة لي، ثم رجع إلى غفوته ثانية، فزادت دموع عيني انهمارا، لأنني أيقنت أنها الزيارة الأخيرة.
كان يرحمه الله مثالا للشرف واليد النظيفة، مثالا للقومية والوطنية، حيث قرأت تاريخه وعرفت من هو يوسف والي.
وخلال زياراة قبل الأخيرة، وقبل أن تتدهور حالته الصحية، كنتُ قد أشبعتُ فضولي بسؤاله عن سبب عدم تصديق الكثير من المصريين براءته من تهمة "سرطنة الزراعة"، وتدهور الزراعة؟
يومها، ابتسم في تؤدته المعروفة عنه، وأجاب بكل هدوء أن الأمر متروك لله، "فهو أعلم بما في الصدور، وهو سبحانه وتعالى الأعلم بما قدمته للزراعة المصرية، وما أخرته منها".
رحم الله أستاذنا الدكتور يوسف والي، وأسكنه فسيح جناته.
................
* خبيرة دولية في الزراعات البديلة