أسباب انهيار إنتاجية أشجار الزيتون
كتب - محمود البرغوثي: الأرضمهندس زراعي يسأل:
ما سبب انهيار إنتاجية الزيتون؟
- جواب "الأرض"
* يتساءل الكثير من المزارعين والمهندسين الزراعيين الجُدُد عن السر في انهيار إنتاجية شجرة الزيتون في مصر، وهنا سنجيب بقدر العلم الذي تحصلنا عليه، سواء بالاطلاع، أو السمع من الخبراء، أو من الخبرات الحقلية المتراكمة على مدار 17 سنة في زراعة الزيتون.
اقرأ أيضاً
ماذا تعني "التغيرات المناخية"؟
التغيرات المناخية تعني ببساطة، عدم توافر الظروف الملائمة من الحرارة والبرودة والأمطار والرطوبة الجوية، لديمومة الكائن الحي (إنسان - حيوان - نبات).
- ولكل كائن حي احتياجاته التي فطر الله عليها طبيعته الخلوية، وكل الأحياء تعيش بين (لباس ومعاش)، أي بين سكون ونشاط، ومثلما يلزم النشاط توافر عدة عوامل ليكون فاعلا، فالسكون أيضا يلزمه عدة عوامل ليكون سكونا حميدا.
- وكما هو معلوم، فإن السكون المثالي هو "النوم العميق"، وهو أحد العوامل المطلوبة للنشاط الفاعل المثمر بعد الصحو.
- والسكون العميق في النبات والحيوان يحتاج إلى برودة جيدة، وغطاء جيد، وهو ما يحدث للبراعم النباتية المحتمل ولادتها في موسم الربيع، أو موسم عودة النشاط، من الخلايا المريستيمية التي تكونت سابقا تحت آباط الأوراق.
البرودة في الزيتون
- يحتاج البرعم الجديد ما قبل الولادة إلى برودة (من 4 - 12 درجة مئوية) كي ينعم بالسكون الفيسيولوجي العميق خلال الفترة من أول نوفمبر حتى نهاية يناير، كما يتطلب حسا حراريا هادئا (من 15 - 25 درجة مئوية) من بداية فبراير كي يشعر بالدفء، فيستعد للصحو بدخول مارس وطوال أبريل.
وجبة الفطور للمولود
ومن الثابت علميا، أنه في حالة استيفاء البرعم الخضري حقه من وحدات البرودة، يصحو مبكرا قبل البرعم الزهري، وهنا يحدث التميز مبكرا، فيقول المزارع والمهندس إن البرعم "تحول" خضريا، وهذا خطأ شائع - وفقا لرأي خبراء فيسيولوجيا النبات، لأن طبيعة الخلق لا تُبنى على التحول (خلقناكم من ذكر وأنثى)، لكن ماذا يحدث؟
- يصحو البرعم الورقي الذي اكتفى من وحدات البرودة، فينفرد بوجبة الكربوهيدرات المخزنة في الشجرة، والتي لم يستنزفها محصول العام السابق، وهنا ينتفض البرعم متكشفا فاردا ذراعيه، لتدب فيه الحياة، فيتولد فيه الأوكسين الطبيعي الذي يسحب السكريات نحو القمة الطرفية النامية، فيقل أو ينتهي مخزون الكربوهيدرات (الطاقة) في موطن النشوء الأول.
- إذا بلغ البرعم الزهري حده الأقصى من ساعات النوم الفيسيولوجي، استعد للتميز والتكشف، فلم يجد ما تبقى له من الخزين الكربوهيدراتي الكافي لتأمين نشاطه وصحوه، فيترنح، ثم يضمر، ولا يتكشف (فيكون الموسم خضريا).
الأزهار الخنثى (المثالية) والأزهار المذكرة
- قد تكون عدد ساعات البرودة مثالية لصحو البرعمين معا، أو صحو الزهري أولا، لكن تصبح الأزهار مذكرة، أي أنها بدون "متاع"، أي أنها بلا مبايض، وهذا له تفسير فيسيولوجي، ويوصف بأنه خلل في التغذية خلال شهور الربيع والخريف، وخلل في برنامج إزالة السرطانات والأفرخ المائية التي تستنزف محتوى الشجرة من الرصيد الكربوهيدراتي المخزن.
معادلة الآزوت المعدني والكربون العضوي CN .. الخلل والعلاج
- ومن الثابت علميا، أنه في حالة زيادة معدل النيتروجين المعدني N المسؤول عن الهياج الخضري، على معدل الكربون العضوي C، تتجه المبايض إلى الاختزال، وبالتالي تنمو الزهرة وتنقسم خلاياها بدون المتاع، وتصبح مجرد ميسم لإنتاج حبوب اللقاح، ومن المعلوم أن الزهرة الخنثى هي الزهرة المثالية في جميع النباتات.
- وثبت علميا أيضا أن السبب في هذه ظاهرة اختلال معادلة C/N يعود إلى عدة عوامل:
1- الإفراط في التسميد الآزوتي النتراتي حتى نهاية أكتوبر، وعدم التحول إلى الآزوت الأمنيومي (سلفات النشادر من منتصف سبتمبر حتى أول ديسمبر، واليوريا شتاء من منتصف ديسمبر حتى منتصف فبراير).
2- التفريط في رش البورون أثناء تحجيم الثمار، وقبل عملية التقليم، وذلك لتحويل أكبر قدر من السكريات الأحادية المتكونة بعملية البناء الضوئي، وتحويلها إلى سكريات معقدة (كربوهيدرات)، وبها يتوافر عنصر الكربون العضوي C.
3- ترك السرطانات والأفرخ المائية بغزارة في قلب الشجرة، ما يجعل معدل استنزاف الغذاء أعلى من بنائه.
4- عدم الانتباه إلى رش البورون والملوبيدنيوم بتركيزات عالية بعد تمام الحصاد، وقبل التقليم، وذلك لنقل الكربوهيدرات إلى مواطن التخزين (كمخزن طاقة)، واختزال الآزوت المعدني الزائد إلى أحماض أمينية، المكون الرئيسي لجزيء البروتين (منشئ الجهاز المناعي).
# النقاط من 1 إلى 4، تُظهِر علاج "خلل" معادلة النيتروجين المعدني N، والكربون العضوي C.
# مطلوب تكرار رشة البورون + ملوبيدنيوم + فوسفور + برولين أول مارس.
رفع مناعة النباتات لضمان الإثمار الجيد
كثر حديث الخبراء عن الخلل الفيسيولوجي الناتج عن التقلبات المناخية، والمشاكل الناجمة عن فرق درجات الحرارة بين الليل والنهار في الخريف والشتاء، وأثر ذلك على الإثمار الجيد للزيتون، ومعظم المحاصيل، ولذلك (منشور آخر) بإذن الله.