الخميس.. إطلاق دراسة عمل الأطفال في الدول العربية
أ ش أ الأرضيدشن المجلس العربى للطفولة والتنمية وجامعة الدول العربية يوم الخميس المقبل دراسة "عمل الأطفال فى الدول العربية"، وبإطلاق هذه الدراسة يكون الوقت قد حان للتذكير مرة أخرى بخطورة هذه القضية، والتشديد على أهمية تفعيل التشريعات الصادرة فى الدول العربية والتى تحظر عمل الأطفال لما له من آثار سلبية على المجتمعات.
وذكرت التقارير المعنية أن هناك 10 ملايين عامل عربى صغير، ألقت بهم الظروف والعوامل فى عالم أصحاب الأعمال ليصبحوا عرضة للاستغلال بشكل يحرمهم من طفولتهم والتطلع إلى المستقبل، ويأخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها تسخيرهم في أعمال غير مؤهلين للقيام بها نفسيا وجسديا، وذلك رغم أن العديد من الاتفاقيات الدولية حرمت الاستغلال الاقتصادي للأطفال، بالإضافة إلى اتفاقيات عربية متخصصة في مجال عمل الأطفال.
وأكد الدكتور حسن البيلاوى الأمين العام للمجلس أن نتيجة هذا الرقم المفزع الذى تتسع دوائره فى ظل ظروف عدم الاستقرار التى تمر بها بعض الدول العربية حاليا، دعا المجلس إلى العمل من جهته على علاج هذه المشكلة على المدى الطويل، واضعا فى الاعتبار 5 مفاهيم "لعمل الأطفال" وهي العمل الذي يضع أعباء ثقيلة على الطفل، ويهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، والعمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله.
وقال البيلاوي إنه كان للمجلس دور في رصد ظاهرة عمل الأطفال والعمل على التصدي لها في الدول العربية، وأن هؤلاء الأطفال تسربوا من التعليم الأساسي واندرجوا في سوق العمل لظروف مختلفة، وتزيد أعدادهم عاما بعد عام دون تخطيط أو توجيه، وتساعد على ذلك عوامل عدة، لخصها تقرير صادر عن المجلس بأنها استمرار الفجوة التنموية بين دول الشمال والجنوب، واستمرار مشكلة المديونية التي أعاقت جهود التنمية في الدول النامية ومنها الدول العربية.
وأضاف أن المجلس أعد 4 دراسات حول هذه القضية، اتضح من خلالها أن الأطفال العاملين هم أكثر استقلالية وقدرة على الكفاح من أقرانهم من غير العاملين، إلا أنهم يكونون أكثر عدوانية، وأغلبهم تعرض للإيذاء البدني والنفسي من قبل صاحب العمل، مما ترتب عليه سوء التوافق النفسي والمهني لدى الأطفال العاملين، وانخفاض درجة التوافق الاجتماعي والشخصى، منوها بأن المجلس قام بالوقوف على أوضاع الأطفال العاملين في الدول العربية من خلال إجراء أول دراسة إقليمية عن عمل الأطفال عام 1993، شملت 9 دول عربية وأجريت بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، بهدف تحديد حجم المشكلة وأسبابها واقتراح سبل لمواجهتها، وتم إطلاق نتائج هذه الدراسة في ندوة موسعة بالتعاون مع منظمة العمل الدولية.
وأشار أمين عام المجلس إلى أنه من أبرز إنجازات المجلس فى هذا الصدد، مشاركته في إعداد الإستراتيجية العربية للحد من عمل الأطفال بالتعاون مع منظمة العمل العربية وجامعة الدول العربية، ومساهمته في دعم مشروع الكشافة البحرية بالإسكندرية لعمل الأطفال، إضافة إلى تبني وتمويل دراسة مسحية للمشروع بهدف استخلاص المعايير اللازمة لبرامج التدخل وكيفية تنفيذها، وقام كذلك بترجمة وتعريب البرنامج التدريبي الشامل لتصميم وتنفيذ وتقييم برامج تدخل لمواجهة مشكلة عمل الأطفال بالتعاون مع برنامج "إيبك" التابع لمنظمة العمل الدولية وبرنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند)، كما قام المجلس فى عام 2003 بوضع إطار عام استرشادي لمواجهة مشكلة أسوأ أشكال عمل الأطفال، وتم تعميمه على الدول العربية للاستفادة منه، وذلك بالتعاون مع جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية ومؤسسة فريدريش ايبرت الألمانية.
ومن جانبها، أكدت مدير إدارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية الدكتورة إيناس مكاوي، سابقا إن القضاء على عمالة الأطفال في الدول العربية مرتبط بعدة عوامل، منها مكافحة الفقر وتوفير الأمن والاستقرار، توفير برامج التنمية الشاملة، والتعليم المتميز وبرامج الصحة وغيرها، لافتة إلى أن قضية عمالة الأطفال هى قضية كبيرة متعددة الأبعاد تحولت من ظاهرة إلى قضية حقيقية بسبب ظروف الإرهاب في المنطقة والنزاعات المسلحة وعدم الاستقرار في العديد من البلدان العربية.
وقالت إن مثل هذه النزاعات وأوضاع عدم الاستقرار أدت إلى زيادة عدد الأطفال في سوق العمل، سواء من يمتهنون مهن طبيعية مثل الزراعة والصناعة وهى حرف ليست مجرمة دوليا، أو تلك المهن المجرمة دوليا مثل عمل الأطفال في المواقع الخطرة في عدد من دول المنطقة، مشددة على أن الأمر يحتاج إلى وقفة متحسبة للتعامل مع مستقبل هذه القضية، ومساعدة الدول الأعضاء فى الجامعة فى جهود الحد منها.
كانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أصدرت عام 1989 اتفاقية حقوق الطفل التي عرفت الطفل بأنه كل إنسان لم يتجاوز الـ18 من عمره، وأكدت على ضرورة السعي لحماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح أن يكون خطرا أو يمثل إعاقة لتعليمه أو ضررا بصحته أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي.
ويندرج موضوع عمل الأطفال في المواثيق والمعايير الدولية، خاصة اتفاقيات العمل الدولية المتعلقة بالحد الأدنى لسن العمل، وأسوأ أشكال عمل الأطفال، واتفاقية حقوق الطفل، وإعلان المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، بالإضافة إلى اتفاقيات العمل العربية الصادرة عن منظمة العمل العربية، وبدورها أصدرت منظمة العمل العربية حتى الآن 19 اتفاقية و8 توصيات تضمن معظمها نصوصا حول عمل الأطفال وشئون الأسرة، واهتمت هذه الاتفاقيات بتنظيم الشئون الخاصة بعمل الأطفال، وبشكل خاص الحد الأدنى لسن العمل، ورفعه بما يتناسب مع المخاطر التي يشكلها العمل والمشقة في ممارسته، واهتمت بتوفير ضمانات الرعاية الطبية الدورية وتحديد ساعات العمل.
وتعتبر الاتفاقية العربية رقم 18 الصادرة فى عام 1996 بشأن عمل الأحداث، أول اتفاقية عربية متخصصة في مجال عمل الأطفال، حيث جاءت استكمالا لسلسلة المبادئ التي أكدت عليها الاتفاقيات العربية السابقة في هذا المجال، وقد عرفت الطفل بأنه (الشخص الذي أتم الـ13 ولم يكمل الـ18 من عمره ذكرا كان أو أنثى)، وحظرت عمل من لم يتم سن الـ13 من عمره، ونصت على أن أحكامها تشمل جميع الأنشطة الاقتصادية باستثناء الأعمال الزراعية غير الخطرة وغير المضرة بالصحة، ووفق ضوابط تحددها السلطة المختصة في الدولة تراعي فيها الحد الأدنى لسن الأطفال.