خلاف حول مواعيد شحن التقاوي من الخارج .. وخبراء: لا علاقة للأمر بخسارة المزراعين
حرب البطاطس تشتعل .. والتخطيط المتهم الأول في الخسائر
كتب محمود البرغوثي الجيزة الأرضالنجار: تحديات المناخ و"كورونا" سبب خسائر المزارعين والتجار والمصدِّرين
العناني: "الدقهلية" تشتري التقاوي بهامش ربح مشروع .. والجمعيات وراء إشعال أسعار التقاوي
رئيس جميعة البطاطس: ننتظر قرار حاسم لوزير الزراعة الأحد .. وطول فترة الاستيراد يخلق سوقا سوداء للتقاوي
صغار المزارعين: المستوردون الكبار وراء المبالغة في الأسعار .. و22 ألف جنيه تكلفة تقاوي فدان "السيلاني"
انتهت لجنة التقاوي التابعة لوزارة الزراعة اليوم، من الاتفاق النهائي على تحديد 20 ديسمبر 2020، موعدا أخيرا لشحن تقاوي البطاطس المستوردة من أوروبا إلى مصر، ليقف أجل الاستيراد عند 50 يوما، حيث يبدأ الشحن سنويا أول نوفمبر.
وجاء تحديد الموعد في اجتماع اليوم، بعد أن فشل اجتماع الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق، على الرغم من تصويت أعضاء اللجنة لصالح الموعد المقترح في 25 ديسمبر، وهو ما أثار جدل ممثل الجمعية العامة للبطاطس.
وفيما طالب أحمد الشربيني رئيس الجمعية، بضرورة تقديم هذا الموعد إلى الخامس من ديسمبر، مبررا ذلك بضمان تأمين التقاوي النظيفة عالية الجودة بالكمية المتوازنة مع الاحتياجات الفعلية، "وفي ذلك حفظ لمصلحة صغار المزارعين من فعاليات السوق السوداء"، قال أعضاء آخرون إن تأخير مواعيد شحن التقاوي من مصادرها أو وصولها إلى مصر، لا علاقة له بتحديد أسعارها، ولا بالخسائر التي تعرض لها المزارعون في موسم 2019/2020، والمقدرة بمبلغ يتراوح بين 26 و30 ألف جنيه لكل فدان.
وأشار الشربيني إلى أن إطالة أمد الشحن والاستيراد من الخارج، تسبب في زيادة كمية التقاوي المستوردة في العام الماضي إلى 136 ألف طن، بزيادة قدرها نحو 26 ألف طن عن الموسم السابق، "ما يعني زيادة المساحات المنزرعة بنحو 65 ألف فدان، وبإنتاجية زائدة عن الحاجة تصل إلى نحو مليون طن، "ما يعني الحاجة إلى التخطيط المسبق من وزارة الزراعة، الذي وعد بوضع آلية لتنظيم استيراد التقاوي هذا العام".
ولفت الشربيني النظر إلى أن شمال الدلتا تزرع مبكرا، فيضطر مرزاعوها إلى شراء التقاوي بأسعار مرتفعة، "أما مزارعو الوجه القبلي فيشترون التقاوي بأسعار منخفضة، وبالتالي لا تتوافر العدالة في تكاليف الإنتاج".
وانتهى الشربيني في تصريحه لـ "الأرض" إلى أن وزير الزراعة وعد بوضع نظام ذي آلية محددة لاستيراد التقاوي، سيعلن عنه الأحد المقبل.
المناخ و"كورونا"
وفي تصريح خاص بـ "الأرض"، قال الدكتور سمير النجار رئيس مجلس إدارة شركة "دالتكس" ـ أحد أكبر مزارعي البطاطس في مصر من أجل التصدير، إن الأزمات العالمية الطارئة، المتعلقة بتحديات المناخ غالبا، فرضت التشابه على جميع مزارعي البطاطس في العالم، مؤكدا أن خسارة المزراع المصري في موسم 2019/2020، لازمتها خسائر للمزارعين في أوروبا أيضا، بسبب سوء المناخ.
وأضاف النجار أن جائحة كورونا ـ التي يشهدها العالم حاليا، تسببت في إغلاق مصانع النصف مقلية، إضافة إلى إغلاق منافذ الاستهلاك المرتفع المتمثلة في المطاعم والفنادق حول العالم.
وأوضح النجار في تصريحه لـ "الأرض"، أن جائحة كورونا اضطرت المصانع المحلية في مصر إلى الإخلال بتعاقداتها المسبقة مع المزارعين، الذين اضطروا إلى طرح إنتاجهم في السوق المحلية، أو تخزينها في الثلاجات، "وبالتالي زيادة المعروض في السوق، ما أدى إلى انهيار أسعارها".
كبار المزارعين يبرئون المستوردين
من جهته، قال لـ "الأرض" المهندس محمود العناني رئيس مجلس إدارة شركة "الدقهلية"، إن التقاوي المستوردة من الخارج تأتي لزوم زراعة العروة الصيفية، التي تبدأ زراعتها اعتبارا من أول ديسمبر، وتستمر حتى نهاية يناير في جنوب مصر، كما يمكن أن يستمر مزارعو وجه بحري في الزراعة حتى أول مارس، وبالتالي لا ضرر من استمرار شحن التقاوي من الخارج حتى نهاية يناير، مؤكدا أن اتهام المستوردين بإشعال الأسعار لا أساس له من الصحة.
ورفض العناني ما أثير حول شبهة الاحتكار أو التلاعب بأسعار التقاوي من قِبَل المستوردين، مؤكدا أن "الدقهلية" كواحدة من كبرى الشركات المتخصصة في زراعة البطاطس، تشتري التقاوي من المستوردين الرئيسية بهامش ربح مشروع، مفيدا أن المستوردين الكبار يبيعون التقاوي إلى جمعيات أو موزعين كبار بهامش الربح المشروع لاستثماراتهم، "وفي المحطة الأخيرة تتضاعف أسعارها على المزارعين".
وأفاد العناني أن تكلفة استيراد التقاوي من الخارج تتراوح بين 14 و18 ألف جنيه للطن، وتُباع للجمعيات والموزعين الكبار بأسعار تتراوح بين 18 و22 ألف جنيه، "لكنها تصل إلى المزراع النهائي بأسعار تضرب سقف الـ 40 ألف جنيه".
المزراعون يتهمون المستوردين
وفي اتصال مباشر بعدد من مزارعي البطاطس في محافظة الدقهية، قال رضا إبراهيم الوصيف، إن من سيرزع البطاطس هذا العام (يقصد العروة الصيفية)، سوف يخسر أرضه وبيته، بسبب ارتفاع أسعار التقاوي، مؤكدا أن المستورد الأول هو المسؤول عن المبالغة في السعر.
وأضاف الوصيف أن معظم الفلاحين الصغار، سوف يزرعون بتقاو محلية (كسر)، حيث لن تزيد تكلفة زراعة الفدان بها على على 2500 جنيه، بدلا من 22 ألف جنيه في حالة زراعة "سيلاني مستورد".
من جهته، قال محمد أنور رزق (مزارع أيضا)، إنه اشترى شيكارة التقاوي المستوردة صنف "سيلاني" العام الماضي بسعر 54 ألف جنيه للطن، مفيدا أن الفدان يستهلك نحو 400 كجم من هذه النوعية، بما يرفع تكلفة زراعة الفدان إلى 21600 جنيه.
ويتفق محمد أنور مع رضا الوصيف على أن المستورد الكبير هو الذي يتحكم في سعر التقاوي، لافتا النظر إلى أنه يلعب لعبة "تعطيش السوق"، من خلال فرش التقاوي بالتقطير في محلات سوق التوفيقية، ثم سحبها مرة أخرى إلى مخازنه المبردة، حتى ترتفع أسعارها، بالاتفاق مع الموزعين الصغار الذين يعملون لصالحه بالعمولة.
وأكد أنور أن من يستورد تقاوي البطاطس هذا العام، سوف يتعرض لخسائر مروعة، حيث لن يقبل عليها صغار المزارعين، لعدم توافر السيولة، "بسبب الخسائر المتلاحقة في زراعات الذرة، والأرز، البطاطس، وأخيرا الطماطم".