أعمال التكريك تتجاوز الأعماق الحميدة لتنمية الثروة السمكية على الطحالب البحرية في القيعان
الطيور البرية في بحيرة المنزلة تشكو مأساتها للرئيس السيسي
الأرضكشف خبراء بحيرات وصيادون حول بحيرة المنزلة، عدة أخطاء وقع فيها القائمون على تعميق وتطهير الحوض الطبيعي للبحيرة، الذي تقدر مساحته حاليا بنحو 120 ألف فدان فقط، بعد أن كانت 150 ألف فدان عام 1990 و750 ألف فدان منذ نشأتها الطبيعية.
وقال الدكتور معاطي قشطة، أستاذ البحوث في معهد بحوث المحاصيل التابع لمركز البحوث الزراعية، والمهتم بعلم البحيرات والصيد، كونه من أبناء القرى القائمة على بحيرة المنزلة، إن القضاء على المناطق الضحلة القليلة التي كانت تأتيها الطيور المستوطنة والمهاجرة للتغذية، إضافة إلى إزالة الحشائش بشكل جائر وغير مدروس، وتحولها إلى مناطق عميقة اكثرمن 2.5متر بواسطة الكراكات، تسبب في تحويلها إلى إلى "صحراء من الماء" ـ على حد تعبيره.
وأضاف قشطة إن هذا التكريك الجائر تسبب في هجر الطيور بحيرة المنزلة للمرة الأولى في تاريخها، حيث كانت تستأنس بالمناطق الضحلة، كما كانت الحشائش موطنا لبناء أعشاشها.
وأوضح قشطة أن ما حدث في البحيرة يعد "جريمة بكل المقاييس"، ومخالفة للاتفاقيات الدولية، واصفا الأعمال التي تعرضت لها البحيرة بعد استنادها إلى العلم والخبرة.
من جهته، قال خبير بأعمال الصيد في البحيرات الطبيعية، إن ما حدث لبحيرة المنزلة باسم "التطهير"، يعد فضيحة وتدميرا وإخلالا بخط السير التاريخي للطيور المهاجرة، "وتهديدا بانقراضها من كوكب الأرض.
ووصف الخبير ذاته بأن ما حدث للبحيرة وما نتج عنه من هجر الطيور البرية لها، بأنه "جريمة دولية، ومخالفة لاتفاقية (رامسار) الدولية الملزمة لـ 159 دولة، تعهدت منذ عام 1971 بالحفاظ على المحميات الطبيعية في الأراضي الرطبة والاستخدام المستدام من أجل وقف فقدانها فى الحاضر والمستقبل، مفيدا أن الأمر يتطلب تدخلا مباشرا من الرئيس عبد الفتاح السيسي، للحد من أعمال التكريك الجائرة، التي تهدد جميع بحيرات مصر "إذا تمت بالطريقة ذاتها التي خضعت لها بحيرة المنزلة".
وأضافة الخبير أن هذه الاتفاقية استهدفت تدارك المهام الإيكولوجية الأساسية للبحيرات، ومنع تشويهها أو طمس معالمها، وتنمية دورها الاقتصادي والثقافي والعلمي والترفيهي، مؤكدا ضرورة إبلاغ منظمة اليونيسكو بهذه الجريمة غير المسبوقة.
وتعد البحيرات المصرية، خاصة بحيرة المنزلة، من أهم الركائز الاقتصادية في مصر، لما تنتجه من الأسماك، إضافة إلى كونها تتميز بأعماق ضحلة وحركة مياه هادئة وخصوبة عالية مما يساعد على تربية الأسماك، باعتبارها حضانة طبيعية لمختلف أنواع الأسماك.
وكانت بحيرة المنزلة تنتج أسماك: البلطي، البري، البياض، الجمبري، الكابوريا، ومبروك الحشائش، ومعروف عنها أنها تنتج أفضل أنواع الأسماك، لكن في الآونة الأخيرة تعرضتً إلى تقلص مساحتها كما تعرضت لظاهرة نفوق الأسماك، بسبب وجود تلوث زائد بالصرف الزراعي والصحي، إضافة إلى تضييق مساحتها بالتعدي عليها بالتجفيف واستصلاح الأراضي لغرض الزراعة التقليدية بالنباتات، وهو ما يدمّر البيئة الطبيعية للبحيرة، ولهذا شهدت على مدار الفترة القليلة الماضية الكثير من أعمال التطهير والتكريك، التي تستمر حتى الآن.
الأعمال التي تم الانتهاء منها الآن في بحيرة المنزلة:
- تم تطهير بوغاز أشتوم الجميل الجديد وعمل قنوات شعاعية بين بوغازي الجميل بطول 3 كم، وعرض 100 متر وعمق 3.2 متر.
- تم تطوير قطاعي بور سعيد والدقهلية بالتعاون مع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حيث تمت تنمية مسطح 2.6 مليون متر، وتمت إزالة تعديات بقطاع دمياط، بلغ عددها 238 حالة على مساحة 3350 فدانا.
- تم عمل قناة شعاعية عند كوبري البغدادي بطول 3 كم، بعرض 80 م وعمق 3.30 م.
- تم تنفيذ عملية تطهير بإجمالي أطوال قدرها 31 كم بمنطقة مثلث الديبة بمحافظة دمياط، وإزالة النموات النباتية بقطاعي البحيرة (الجمالية ـ المطرية) بمساحة 8.14 مليون متر.
- تمت إزالة النموات النباتية بقطاعي بورسعيد ودمياط بواسطة الهيئة الهندسية للقوات المسلحة وتكريك القنوات الشعاعية داخل البحيرة.
- تم استكمال أعمال تطوير منطقة الجمالية وضم 4000 م كمسطح مائي للصيد الحر.
- تم تطوير منطقة النسايمة والجمالية (مرحلة ثالثة) وضم مساحة 50 ألف متر للصيد الحر.
- تم عمل مجرى مائي من نهاية نهر النيل ـ فرع دمياط وذلك لتحسين خواص المياه بالبحيرة ولمكافحة التلوث.
وتعليقا على هذه الأعمال، قال الدكتور معاطي قشطة، إن تطوير البحيرة كان يلزمه فقط معالجة مياه الصرف الصحي والزراعي والصناعي التي كانت تلقى في البحيرة، "مع ترك مساحات ضحلة يحتمي بها الصيادون أثناء النوات الجوية، إضافة إلى ترك مساحات من البوص والنباتات البرية الطبيعية، كي تكون أعشاشا للطيور البرية النادرة".
من جتها، قال السيد زكريا رجب، شيخ صادين منطقة شطا ـ دمياط، إن عمق المياه في معظم مساحات البحيرة يجب أن يتراوح بين 100 و150 سم فقط، حتى يتخلل الضوء قاع البحيرة فتنمو الطحالب البحرية التي تتغذى عليها الأسماك، وبالتالي تكون البحيرة غنية أمام أسراب الزريعة المتنوعة التي تأتي من البواغير عبر البحر الأبيض المتوسط، وبالتالي تنمو هذه الأسماك لترفع غلة البحيرة الطبيعية.
ولفت رجب النظر إلى أن المصايد الطبيعية حول العالم يجب أن تتم حمايتها من التلوث فقط، مع أعمال تكريك وتطهير مدروسة، للحفاظ على القنوات الملاحية "الشعاعية" المطلوبة للتنقل بين المناطق، مع ترك المناطق الضحلة التي تعيش فيها الأسماك، إضافة إلى ترك مساحات من البوص لتبني فيها بعض الأسماك أيضا جحور وضع بيضها.
ووفقا لبيانات برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن غالبية الطيور تهاجر من مناطق التكاثر الشمالية إلى الجنوب في فصل الشتاء، لكن بعضها يولد في الأجزاء الجنوبية من إفريقيا وتهاجر إلى مناطق الشتاء الشمالية، أو بحذاء خطوط العرض للتمتع بالمناخ الساحلي الأكثر اعتدالا في فصل الشتاء، مما يعد فرصة لجذب هذه الطيور إلى البيئة المصرية، وذلك لتشجيع هواة الصيد البري.