ستخرج من الدنيا كما جئت

منذ شهور قليله عندما تصاعدت الشائعات عن ضم مركزي بحوث الصحراء والبحوث الزراعيه فى كيان واحد، بالرغم من اختلاف طبيعه عملهما والمهام المنوطه بهما، سعيت الى لقاء الحجل الاول المسئول عن تطوير الهياكل الحكوميه وهو الدكتور صالح الشيخ رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والادارة، الذى رحب بزيارتى مفضلا ان تكون يوم عطلة السبت حتى يتاح لنا وقتا كافيا للحوار .

ذهبت كعادتى قبيل الموعد بخمس دقائق قضيتها فى تهيئه نفسى للحوار مع شخصيه لا اعرفها ولم يسبق لى التعامل معها، وحينها وقع بصرى على لوحة كبيره تتصدر مكتب: "امتلك من الدنيا ماشئت ... ستخرج منها كما جئت".

أبهرتني اللوحة التى لم نعتدها فى مكاتب كبار المسؤلين، بل اختصرت زمن التعارف بينى ومضيفى فى اللقاء الاول وكأننى اعرفه منذ سنوات بعيدة.

بهذه الروح دار حوارنا ليس بصفتى الوظيفيه السابقه "في مجال عمله السابق ويرغب المشاركه بالصالح منها للانتفاع به.

امتد حوارنا لأكثر من ساعتين تبادلنا خلالها الخبرات والمعرفة بنوايا خالصة لله والوطن، بعيدا عن الأهواء الشخصية والأيدلوجية، جلسة استماع بين مسئول كبير ينصت فى تواضع دون استعلاء لخبير مدين بخبراته التي اكتسبها على نفقة الدولة، ويسعى متطوعا للأدلاء بها.

هذا ماتفعله اليابان وغيرها مع خبرائها قبل أن يرحلوا إلى السماء بخلاصة خبراتهم، حينما توثقها بأصوات أصحابها إلكترونيا، كمصدر من مصادر المعرفة، يطلق عليه Explicit Knowledge وهو أشبه بعملية تفريغ لمحتوى العقل Download على يسيث
تلك المعرفة المكتسبة تختلف من عقول أصحابها عن غيرها، بكونها أسكثر دقة ومصداقية وواقعية، لكونها ناتج التطبيق العملي.

كم من الكوارث والخسائر والمصائب والعجائب في بلدنا كان يمكن تفاديها أو خفض خسائرها ومخاطرها، لو وثقنا الخبرات السابقة وما أكثرها فى بنك المعرفة قبل ضياعها بسبب ثقافه الاستعلاء والمكابرة والفهلوة السائدة؟

تأكدت في ختام حواري مع د. صالح الشيخ، أن اللوحة المعلقة على الحائط لها موقع آخر أكبر اتساع بمضمونها ومغزاها في قلبه وعقله، بل ترافقه في حياته اليومية والوظيفية كشيخ صالح.
...........
* رئيس مركز بحوث الصحراء الأسبق