شبح الثانوية العامة وأسطورة كليات القمة.
الدكتورة آمال صبريمازال سيناريو الثانوية العامة يتكرر سنوياً بكل تفاصيله مابين القلق، التوتر، الفرح، الحزن والخوف من المستقبل، حتى أصبحت الثانوية العامة شبحاً يهدد أمان واستقرار الأسر منذ التحاق أبنائهم بالروضة، مما يدفعهم إلى الضغط على أبنائهم طوال أعوام الدراسة واستنفاذ الجهد والأموال في الدروس الخصوصية.
ويرجع السبب وراء ذلك إلى الركض خلف أسطورة كليات القمة، التى أصبحت هى الأخرى كابوساً يؤرق الطلبة، مهدداً لهم بحرمانهم من تقدير وحب أبائهم.
وللأسف تُعَد هذه النظرة الضيقة للتعليم هي سبب تدهور الأفراد والبلاد، فهناك قلة قليلة هي من تحررت من هذا التفكير الرجعي، وتبنت تنمية أبنائهم وتشجيعهم على اكتشاف نقاط قوتهم وامكانياتهم وشغفهم حتى التحقوا بالكليات المناسبة لهم حتى وإن كانت بعيدة عن كليات القمة، وهؤلاء هم من نجحوا في حياتهم المهنية والاجتماعية أيضاً.
وهؤلاء هم المبدعون.
فمن الأفضل للجميع التفكير خارج الصندوق، وتغيير الفكر القديم، فهناك الكثير من الأقسام في الكليات العادية، تلائم سوق العمل الآن وتواكب التطور التكنلوجي الذي أصبح سمة العصر، كالبرمجيات والتصميم الجرافيكي وإدارة الأعمال وغيرها فضلاً عن التعليم الفني الذي نهضت به البلاد المتقدمة بعد تدميرها في الحرب العالمية الثانية مثل اليابان وألمانيا وإنجلترا، حتى أصبح موازياً لكليات القمة، بل وجذب الكثير من الطلبة.
كما اهتمت كندا بالتعليم الفني أيضاً وأنشأت له ما يسمى بالكليات التقنية أو كليات المجتمع والتي تمنح للدارسين فيها البكالوريوس في التعليم الفني، وتجعلهم مؤهلين لسوق العمل.
وهذه فنلندا تهتم بالمعلمين وخاصة للمرحلة الابتدائية، حتى إنها تشترط حصولهم على الدكتوراة لخطورة وأهمية المرحلة، حيث يتم فيها اكتشاف قدراتهم وامكانياتهم لتحديد التخصصات التي تناسبهم فيما بعد، فأصبح الكثير يقبل على مهنة التدريس.
العالم يتغير ونحن ومازلنا نقف مكاننا وننظر من نفس النافذة على نفس الطريق.
شجعوا أولادكم مهما كانت نتائجهم ولا تلوموهم وتتهموهم بالتقصير وتعنفوهم على ما تكبدتوه من تكاليف، فيقبل أحدهم على الانتحار تكفيراً عن ذنوبٍ لم يقترفها، وهو ما حذر منه الاستشاريون النفسيون.
فإنهم ضحايا للنظرة المتدنية الظالمة لمجتمع، يعاير البشر ببطاقات التنسيق.
فكثيرٌ ممن فاز بكليات القمة لم يكن ليحبها حتى وإن كان يستهدفها، فهم لا يعرفون حتى ماذا يحبون، فقط السعي وراء أمنيات الأباء، وهذا يفسر فشل العديد في وظائفهم وقلة المبدعين في عالمنا.
وتوجد نماذج شهيرة قد غيرت مجالها بعد سنوات عديدة، فكان هذا التغيير سبباً في ابداعهم وثرائهم وشهرتهم.
فالمبدعون يعملون فيما يحبون.
استشارية طب الأطفال والتغذيةالعلاجية.