خسائر الدواجن لصالح من؟
لا أحد يتصور أن هناك مسؤولا حكوميا، ينضم إلى كتيبة العاملين خلف الرئيس السيسي، يتربح ماليا أو معنويا من خسارة الاقتصاد المصري نحو 5 مليارات جنيه سنويا في باب تربية الدواجن وتفريخ كتاكيت التسمين فقط، وكلاهما الركنان الحاكمان في صناعة الدواجن، أحد أهم أبواب تأمين الغذاء ومكافحة الفقر والجوع والبطالة في مصر، وعلاج قصر القامة.
ولمن تعجزه الحسبة، فإن مصر تنتج كل صباح في الوقت الراهن، نحو 3 ملايين دجاجة (نحو 5 ملايين كيلو حي قائم) من نحو 3.15 مليون كتكوت، وتقف نسبة النفوق في القطعان عند معدل أقل من المسموح (5٪)، بسبب تراجع مؤشر الأوبئة صيفا، ومع هذا الإنتاج يزداد العرض، فينخفض سعر البيع إلى أقل من التكلفة بنحو 5 جنيهات لكيلو دواجن التسمين، و2 جنيه لكتكوت التربية، وهذه الأسعار استمرت 25 أغسطس الجاري، قبل أن ترتفع إلى أقل من السعر التكلفة بجنيه واحد (24 جنيه لكيلو الدواجن الحية في المزرعة اليوم 30 أغسطس، و7 جنيهات سعر متوسط للكتكوت).
المدهش في هذا الباب، ظهور دواجن مستوردة أوكرانية، تُباع في ثلاجات سلاسل التجزئة بسعر 40 جنيها للدجاجة (1100 جرام)، على الرغم من وجود لجنة منظمة للاستيراد، تم تشكيلها بتوجيه رئاسي وقرار من مجلس الوزراء، تختص بعرض جميع طلبات الاستيراد عليها للنظر فيها، والحكم على أهميتها لموازنة الأسعار أو سد العجز في الإنتاج المحلي.
اقرأ أيضاً
- عجوة: قرار وزارة التموين باستيراد الذرة الصفراء يعيد الاستقرار إلى صناعة الدواجن
- تراجع أسعار الدواجن اليوم الإثنين 16 - 1- 2023
- تحرك طفيف لسعر الكتكوت الأبيض بالشركات اليوم الاثنين 16 - 1- 2023
- الغرفة التجارية تكشف حقيقة انخفاض أسعار الدواجن في الأسواق
- بعد قليل.. افتتاح معرض اهلاً رمضان بالجيزة وطرح الدواجن بأسعار مخفضة
- انخفاض أسعار الدواجن اليوم الأحد 15/1/2023
- أسعار الأعلاف اليوم بالأسواق
- صعود أسعار الدواجن والبيض بالبورصة الآن
- ارتفاع سعر الفراخ البيضاء اليوم السبت 14/1/2023
- تعرف على موعد انخفاض أسعار الدواجن وبيض المائدة
- خبير زراعي: السوق السوداء تتحكم في الزراعة لهذا السبب
- محمود البرغوثي يتصدى لدعوات مقاطعة «الدواجن وبيض المائدة»
وبالحسبة العلمية لنسبة التصافي، نجد أن الدجاجة الأوكرانية (زنة 1100 جرام)، جاءت من دجاجة حية وزنها قبل الذبح نحو 1.7 كجم، وهذا الوزن حيا في مزارعنا المصرية يباع حاليا بنحو 34 جنيها فقط قبل 28 أغسطس الجاري، والأخيرة طازجة، مذبوحة حلالا، غير مخزنة أكثر من 9 أشهر في ثلاجات بلد منشأها كخزين استراتيجي وجب تجديده، كما أن الأوكرانية دخلت مرفوعة القامة معفية من جمارك قدرها 30٪.
هذه المعلومات لا يقدر على "افتكاسها" شخص، ولا يستطيع كائن من كان أن يوثقها دون معلومات ثبوتية مستقاة من أرض الواقع، التي تجسد خيبات المربين مع الحصاد المر، والخسائر المتتالية دورة بعد أخرى، حتى يهرب من يهرب، ويُسجَن بديونه من يُسجَن، حتى تصدى الرئيس السيسي بنفسه لهذه المجازر التي تضر الاقتصاد القومي، وتمس الأمن المجتمعي في عدة أركان حيوية.
من يقرأ هذا الحديث من المسؤولين الحكوميين المعنيين بملف الغذاء، خاصة وزارة الزراعة، سيلوِّح باللجنة العليا التي أمر الرئيس السيسي بتشكيلها، لدراسة مشاكل صناعة الدواجن ووضع حلولها بآليات تنفيذ واقعية، وستعقد اجتماعها الأول مطلع سبتمبر المقبل، وعليها تنعقد آمال عريضة.
عزاؤنا، أن اللجنة تم تشكيلها بمعرفة رئيس مجلس الوزراء، وأنها برئاسة وزير الزراعة ونائبه، وهما شخصان يحملان بصدق هموم الصناعة كملف ساخن ضمن جميع ملفات الأمن الغذائي المصري، لكن يؤخذ عليها أنها تستنسخ أعضاء اللجنة 222، مع تغيير طفيف يشمل بعض المقاعد بصفة أصحابها، مثل رئيس اتحاد منتجي الدواجن الذي تغير، ونائب وزير الزراعة الذي تغير أيضا.
المعلومات المتاحة تقول إن اللجنة تضم رئيس اتحاد منتجي الدواجن فقط، ومربٍ صغير ومثله من الكبار، ثم 4 من أساتذة الجامعة في تخصصات: الاقتصاد، والتغذية والأمراض، ثم ممثلا لوزارة التموين، وجهتين سياديتين، وما يؤخذ عليها من ممثلي صغار المربين أنهم (أي الصغار) ينتجون نحو 65٪ من الإنتاج الداجني المصري، ولا يتناسب حجم تمثيلهم في اللجنة مع حجم إنتاجهم وعرض آمالهم في حلول جذرية لمشاكلهم.
الحلول التي ينتظرها الكبار والصغار لا تتجاوز آليات تنظيم ذاتية من أرباب الصناعة أنفسهم، كونها صناعة أهلية 100٪، ومنها باختصار، ضمان سعر ثابت للكتكوت طوال العام، لا يتجاوز 7 جنيهات، من خلال تنظيم استيراد الجدود التي تنتج أمهات التسمين، ويحتكرها عدد قليل من الشركات الكبرى، ثم الجدية في تأسيس شركة مساهمة مصرية لتسويق الدواجن، يساهم فيها: كبار المنتجين، السماسرة والتجار، والبنوك، وطرح 30٪ على الأقل من أسهمها للاكتتاب العام في البورصة.
وأخيرا، ما يُناط باللجنة العليا وأرباب المهنة، توفير قروض سريعة بفائدة البنك المركزي 5٪، لتأهيل عنابر صغار المربين وتشغيلها، بالتنسيق مع الشركات المتكاملة، لأن إنعاش حلقة التسمين هي الأهم في كل حلقات الصناعة.