التشجير الغاباتى
ا.د صلاح يوسف فهميمواكبة مع المؤتمر العالمى للتغير المناخى المنعقد فى جلاسجو بالمملكة المتحدة والمتصل مع مؤتمر باريس لنفس الموضوع ومشاركة الرئيس السيسى للمؤتمر إشارة إلى إهتمام مصر البالغ بتلك القضية وتفاعلها معها بجدية وإلتزام بفعاليات مخططة ومدروسة لخفض الإنبعاثات ومواجهة هذا الخطر المحدق بالأرض ، فإنى اضع بعض الملاحظات والتى تتعلق بما يسمى التشجير الغاباتى والتىكنت قد طرحتها خلال لقاءين لمنظمة الفاو فى الإسكندرية عام 2007 واثيوبيا عام 2008 ، وذلك فى النقاط التالية :
1- أن مصر تعتبر من أفقر المناطق والدول التى تحتضن الغابات نظرا لوقوعها فى حزام المناطق الشديدة القحولة أو الجفاف نظرا لقلة الأمطار الساقطة عليها والتى تتراوح ما بين 5 أو 10 ملم سنويا فى معظم الصحارى الغربية والشرقية إلى حوالى 200 ملم سنويا فى أطراف الجمهورية الشمالية الشرقية مثل رفح والعريش أو الغربية مثل مطروح وسيدى برانى ومثل غابات المانجروف بشواطىء حلايب وشلاتين وأبو رماد فى أقصى الجنوب والنامية على الأمطار التصادمية على الجبال فى تلك المناطق .
2- أن معايير إستدامة البيئة العالمية Sustainable Environmental Indexes والتى قررها البنك الدولى عام 2006 تتضمن معيار للتشجير الغاباتى أو مساحات الغابات فى كل دولة ولذلك أدرجت مصر – مع باقى المعايير ال 76 المتضمنة فى التقرير – فى المقام ال117 من 157 دولة .
3- من وجهة نظرنا أنه بالنسبة لهذا المعيار الخاص للتشجير الغاباتى فإنه يمكننا تعديل الوضع ولو بنسبة بسيطة مع تعديل باقى المعايير المتضمنة فى التقرير وذلك من خلال بعض المشروعات العملاقة القومية والتى أصبحت مصر فيها ذات ريادة عالمية .
4- يقترح فى هذا الصدد عدة مقترحات مهمة :
الأول يتضمن الإفادة من رشح مياه البحر والبحيرات Seepage فى إنشاء أحزمة من أشجار الغابات ولا سيما النخيل وبعمق يصل إلى نصف إلى كيلومتر على كل الشواطىء وذلك على نسق حزام النخيل الذى كان منتشرا على الشاطىء الشمالى الشرقى والممتد من القنطرة شرق إلى العريش ورفح والذى جعل إسم هذا الجزء هو شاطىء المليون نخلة والتى تقلصت حاليا بسبب الزحف العمرانى والسياحى ، ونحن بذلك سوف نحصل على حوالى 125 مليون شجرة تأخذ مياهها من البحرين الأبيض و الأحمر والبحيرات الداخلية والتى تشتمل على حوالى 2500 كيلومتر من الشواطىء ، ولنا فى هذا المضمار نجاح النخيل على شواطىء العريش وبالأخص فى منطقة رشيد والتى تعتبر أكبر مصدر للنخيل فى الجمهورية وقد يكون لهذه المساحة من النخيل الفضل فى حماية شاطىء العريش من النحر (عكس ما هو حادث فى الساحل الشمالى الغربى ) حيث تستنزف أشجار النخيل المياه فتحمى الشواطى وهو ما يسمى بالصرف البيولوجى Biological Drainage .
الثانى يتضمن الإفادة الكاملة من مياه الصرف خاصة الصحى Sewage فى إنشاء المزيد من الغابات الشجرية ، وإن كنا فى هذا المجال قد نشطنا فى إنشاء حوالى 45 منطقة شجرية على مياه الصرف المعالجة ، وباتأكيد يمكننا إضافة ما لايقل عن 5 مليون شجرة غاباتية مثل الجوجوبا وغيرها من الأشجار المفيدة فهى بجانب تلطيفها للمناخ لها فوائد عديدة كل فى نطاقه.
الثالث التوسع فى انظمة التشجير الغاباتى Agroforestry والمفهوم بمعنى ( التحميل الزراعى ) وذلك بزراعة المحاصيل داخل المناطق البستانية بحيث نكثف من الغطاء النباتى Plant Cover وهو أحد المعايير المهمة فى قياس التصحر وبالتالى ضعف أو قوة النظام البيئى .
الرابع وهو تعميم الإفادة الكاملة من المخلفات الزراعية Agricultural Wastes الضخمة والتى تشمل حوالى 55 مليون طن سنويا من مختلف أنواع المخلفات فى تخصيب الأراضى الزراعية ورفع محتواها من المادة العضوية تلك التى من ضمن خصائصها المهمة تخزين الطاقة الشمسية والحرارية للأرض بما يحمى غلاف الأرض من الحرارة المرتدة إلى الغلاف الجوى كما أنها تخزن تلك الطاقة الحرارية كمخزون للطاقة يفيد النبات وينشط كافة العمليات الحيوية فى الأرض وهو ما ثبت من العديد من الأبحاث والدراسات.
نعتقد أننا بذلك قد نساهم من الوجهة الزراعية فى تخفيف آثار التغير المناخى بل وقد نسعى لتحويله للنفع وليس للضرر ، وذلك بجانب الجهود الكثيفة التى تبذلها الدولة فى كافة المناحى البيئية والتى نعتقد انها سوف تثمر خيرا للبلاد خلال السنوات المقبلة
أ.د. صلاح يوسف فهمى
إستاذ متفرغ بمركز بحوث الصحراء