تغذية مرضى التوحد
د. رحاب محمد أحمداضطراب التوحد من إلاعاقات التي تحظى باهتمام الباحثين والمختصين إذ إن تأثيره لا يقتصر على جانب واحد فقط من شخصية الطفل ذي إلاعاقة بل يتجاوز ذلك ليشمل جوانب مختلفة منها المعرفي، والاجتماعي واللغوي والانفعالي، ولا يتوقف هذا التأثير عند هذا الحد بل يمتد ليشمل أسر هؤلاء الأطفال والمجتمع كله.
ومن بين الاضطرابات التي قد يصاب بها الطفل التوحدي هي اضطرابات الاكل وإنتقاء الطعام بحيث لا يأكلون الإ طعاماَ له لون معين وملمس معين ومن ماركة محددة وهذه هى السمات الشائعة بين حالات التوحد.
ونظرا لكون مرض التوحد حالة صعبة جدا ومستعصية ليس لها علاج شاف يلجا العديد من الأسر إلى الحلول التي يقدمها الطب البديل. وقد أفادت بعض العائلات أنها حققت نتائج إيجابية فى تقليل الأعراض المصاحبة لمرض التوحد وذلك بواسطة إتباع نظام غذائي خاص وعلاجات بديلة اخرى مثل الوجبات الخالية من الجلوتين والكازين. وأهم المؤشرات الأيجابية لتطبيق هذه الوجبات والتي ظهرت على مجموعة من مرضى التوحد : ازدياد معدل التركيز والأنتباه وتقليل النشاط الزائد والسلوك العدواني وتحسن في عادات تناول الطعام والنوم وقد أصبحت الحميات من العلاجات البديلة لمريض التوحد ولو لفترة قصيرة طالما انه ليس هناك أي اثار جانبية قد تحدثها هذه الحميات اذا ما تم مراعاة موضوع البدائل الغذائية في تغذية مرضى التوحد وسد أي نقص في الأحتياجات الغذائية المختلفة.
التوحد :Autismمصطلح إغريقى مشتق من كلمة Autos وتعني النفس أوذاتي أو ذاتي الحركة و Ism وتعني الحالة غير السوية أو غير المستقرة. ويعرف بالتوحد أن الشخص المصاب بهذه الحالة متوحد بخياله يعاني من ضعف الترابط الاجتماعي مع الغير.
تعريف اضطراب طيف التوحد (ASD) Autism Spectrum Disorder
عبارة عن إعاقة في التطور متعلقا بالنمو عادة تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل. خاصة بين الشهر 15-22 من العمر حيث يفقد هؤلاء الأطفال وظيفة عصبية مكتسبة، مثل اللغة وغيرها من المهارات والقدرات التفاعلية.
أى اضطراب فى التطور العصبي مرتبط بسلوكيات تقييدية أو متكررة وصعوبة فى التواصل اللفظي والشخصي بما في ذلك انتقائية الطعام .
مرضي التوحد ليسوا على وتيرة واحدة ونمط سلوكي واحد بل مختلفون فمنهم شديد التوحد ومنهم في حالة اضطراب توحد اقل شدة.
معدل الإصابة و الإنتشار: يظهر أعراض مرض التوحد خلال السنوات الثلاث الأولى من الحياة ولديه التحيز بين الجنسين بنسبة 5 من الذكور إلى 1 من الإناث. وإن معدل الانتشار العالمي للمرض هو حوالي 1 ٪.
تم النظر إلى مرض التوحد أنه اضطراب نادر يحدث في 3-4 / 10000 شخص وذلك فى الثمانيات بينما التقديرات الحالية تشير إلى أن 10 إلى 15 من كل 10.000 طفل مصابون بالتوحد مما يعنى زيادة حدوث حالات التوحد في الأطفال.
هناك طقل واحد من كل 88 طفل في الولايات المتحدة الأمريكية يظهر شكل من أشكال ASD وفى فرنسا هناك 1/ 150 طفل مصاب يالتوحد، فى مصر هناك 1/ 160 طفل مصاب بالتوحد بينما فى السعودية هناك 200-400 طفل مصاب بالتوحد / عام.
أعراض مـــرض التوحــد
الأعراض الأساسية لمرض التوحد: خلل شديد في الاتصال والوعى أوالتفاعلات الاجتماعية في اللغة والتواصل والخيال والمهارات ووجود تقييدية والنماذج النمطية للسلوكيات والاهتمامات و الأنشطة.
هناك بعض الاضطرابات السلوكية الأخرى: مثل القلق و الاكتئاب و اضطرابات الأكل ونوبات الغضب والعدوان أو إصابة النفس.
العوامل المسببة لمرض التوحد
1.العوامل الوراثية: تم إنفاق أكثر من مليار دولار على الأبحاث الوراثية الخاصة بالتوحد في السنوات العشر الماضية. وقد وجدا إن المئات من الجينات تلعب دوراّ فى الإصابة بالتوحد وأنه لا يوجد جين واحد يمثل أكثر من 1-2 ٪ كسبب للتوحد. بينما تختتم معظم الدراسات الجينية أن كل سبب وراثي للتوحد يجب أن يعامل بشكل مختلف. وغالبا ما يرتبط التوحد مع عدد من الاضطرابات الوراثية مثل متلازمة دارون و الصرع. نسبة الوراثة في التوحد تصل إلى 90٪ من الحالات. وإن معدل الأصابة فى التوائم أحادي الزيجوت من 36-96 ٪ مقابل 0-27 ٪ في التوائم ثنائي الزيجوت.
2.العوامل غير الوراثية: هناك عوامل مختلفة تشارك في اضطراب طيف التوحد (ASD) مثل ضعف الاستجابات المناعية، التهاب العصبي غير طبيعي، الإجهاد التأكسدي، ضعف الميتوكوندريا، اضطرابات الغدد الصماء، الضغوط، التطعيمات، المواد المضافة للأغذية والسموم البيئية (الرصاص، الزئبق، مركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، مبيدات الفوسفات العضوية، مبيدات الآفات العضوية، الزرنيخ)، عوادم السيارات ، الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات ، ثنائي الفينيل متعدد البروم ، الاثيرات والمركبات المشبعة بالفلور.
المشاكل التى يعانى منها أطفال التوحد
1. مشاكل الجهاز الهضمى: الإمساك، الإسهال، انتفاخ المعدة أو الارتجاع المعدي المرئ.
2. مشاكل سلوكيات الأكل او الانتقائية الغذائية: ذكر 67 ٪ من الآباء إن الانتقائية الغذائية في أطفالهم مرتبطة مع الملمس (69٪) والمظهر (58٪) والطعم (45٪) ورائحة (36٪) أو درجة حرارة الطعام (22٪) فضلا عن عدم الرغبة في محاولة تجربة الأطعمة الجديدة (69٪) ومجموعة محدودة من الأطعمة المقبولة (60٪). دراسات أخرى تشير إلى أن أكثر من نصف العينة (53٪) كانوا مترددين في تجربة الأطعمة الجديدة. في حين أفادا 83 ٪ من الآباء أن أطفالهم لديهم طعام محدود.
النظريات الغذائية والتوحد
1. نظرية عملية الكبرته Free Sulphate
2.نظرية تسرب الأمعاء Intestinal Permeability
3.نظرية الأفيون الزائد Opioid Excess
الإحتياجات الغذائية لمرضى التوحد
لاحظ Latif et al., (2002) وجود نسبة عالية من نقص الحديد لدى الأطفال المصابين بالتوحد ، وأشارDosman et al (2007) إلى أن 69 ٪ من الأطفال فى عمر ما قبل المدرسة و 35 ٪ من أطفال المدارس الذين يعانون من التوحد يعانون من نقص الحديد. هذه النتائج مدعومة من قبل دراسة Herndon et al. (2009) الذين وجدوا أن تناول الحديد كان أقل بكثير في عينة من الأطفال الذين يعانون من التوحد أكثر من بالأطفال الطبيعين فى سن ما قبل المدرسة.
أيضاّ أشارت دراسة Hediger et al., (2008) إلى أن المتناول من الكالسيوم وفيتامين (د) أو كليهما بالإضافة إلي الألياف الغذائية غير كافية في أطفال التوحد.
أوضحSadowska and Cierebiej (2011) قد تميزت الوجبات الغذائية اليومية للأطفال المصابين بالتوحد بآثار منخفضة من الألياف الغذائية، الكالسيوم، البوتاسيوم والحديد وفيتامين (د)، ومستويات مفرطة من البروتينات (وخاصة من أصل حيواني) والصوديوم، والفوسفور، المغنيسيوم وفيتامين (أ).
لاحظZimmer et al. (2012) انخفاض تناول فيتامين د وكذلك B12 والبروتينات والكالسيوم. كما أفادت Souza et al. (2012) أن المآخوذ من الطاقة الكلية والبروتينات والدهون والكربوهيدرات أعلى من تلك التي أوصى بها معهد الطب (2001).
علاج مرضى التوحد
لا يوجد علاج للتوحد حتى الأن ولكن العلاج الموصى به يشمل العلاجات التثقيفية (التعليمية): علاج النطق، والعلاج التكامل الحسي، علاج الكلام، العلاج السمعى. وشملت الأساليب الحديثة لعلاج التوحد العلاج غير الدوائي والدوائي مثل التدخلات الغذائية والمكملات الغذائية وعلاج اضطرابات الجهاز الهضمي وإزالة السموم وعلاج الالتهاب العصبي والعلاجات المناعية والأدوية العقلية والتي وجدت لتكون فعالة في علاج مختلف الأعراض السلوكية للتوحد.
الأدوية التكميلية والبديلة (CAMs) لمرضى التوحد
يجب أن يحتوى الغذاء المقدم لمرضى التوحد على:
فيتامين C: يلعب دورا هاما في مختلف وظائف الجسم وفي العديد من المسارات الأيضية. وقد تبين أن تناول حمض الأسكوربيك (فيتامين C) يؤدي إلى تقليل نشوء سلوكياتهم النمطية.
البيريدوكسين والمغنيسيوم: لها تآثيرات مفيدة لمرضي التوحد.
الميلاتونين: مفيد في اضطرابات النوم في المرضى الذين يعانون من اضطرابات النمو.
البروبيوتيك: تتواجد في بعض الأطفال المصابين بالتوحد، مستويات أعلى نسبيا من الكائنات المسببة للأمراض. وقد ذكرت العديد من الدراسات أن استخدام البروبيوتيك يوفر آثار مفيدة في هذه الأطفال. وتشمل البروبيوتك سلالات من Bifidobacteria و Lactobacilli وهي تشكل استراتيجية لعلاج سلامة الأمعاء الغشاء المخاطي، كما أن لها تأثيرات مفيدة في التخفيف من أعراض التوحد.
فيتامين ب . للحفاظ على الميثيلين الطبيعي ومضادات الأكسدة، كما أن فيتامين ب مهم فى دورة الميثيونين. وقد اقترحت العديد من الدراسات أن فيتامين ب هو مساعد في مكافحة الإجهاد التأكسدي لدى أطفال اضطراب التوحد.
الأحماض الدهنية أوميجا -3: هي مكمل وبديل شائع الاستخدام فى العلاج الطبي (CAM) للتوحد وقد وجد أن حوالي 27.8 ٪ من الأسر يستخدمون أوميجا 3 لعلاج الطفل. وقد ذكرت الدراسات المختلفة أن الأطفال المصابين بالتوحد لديهم مستويات منخفضة من أحماض أوميجا 3 مقارنة بالاطفال الطبيعين.
تقريبا كل المرضى المصابين بالتوحد يعانون من نقص الأحماض الدهنية الأساسية وخاصة الأحماض الدهنية أوميجا 3. و على الرغم من الآلية المحتملة لعمل أوميجا 3 لتحسين أعراض ASD غير معروفه ولكن وجدا أن النسيج العصبي يحتوى على تركيز عالي من حمض DHA (حمض الدوكوساهيكسانويك) وأن هذه الأحماض الدهنية ضروري للنمو و تطور الدماغ البشري.
اقرأ أيضاً
مضادات الأكسدة: التدخل الغذائي قد يكون استراتيجية مهمه لخفض الاجهاد التأكسدي في مرضى التوحد. واتباع نظام غذائي مرتفع في antioxidant . وتناول النباتات العضوية والفواكه والخضروات الطازجة مناسبة للحد من الإجهاد التأكسدي في مرضى التوحد.
Gluten-free Casein-free (GFCF) diets : استبعاد جميع المواد الغذائية التي تحتوي على القمح والشوفان والشعير. كذلك لا يجب تناول أياُ من منتجات الألبان مثل الحليب، اللبن الزبادي، الجبن، الزبدة، القشدة أو الآيس كريم وغيرها.
الأغذية المسموحة لطفل التوحد: الفواكه الطازجة و المجففة- الخضروات الطازجة- البطاطس و البطاطا- الذرة- الأرز- الفاصوليا- اللحوم و الدجاج و الأسماك.
د/ رحاب محمد أحمد إبراهيم
باحث بقسم الاغذية الخاصة و التغذية- معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية- مركز البحوث الزراعية