بشرى سارة لمزارعي الذهب الأخضر في مصر
11 صنف زيتون مصري محسن وراثيا يتحدى التغيرات المناخية
كتب ـ محمود البرغوثي الجيزةكشف معهد بحوث البساتين التابع لمركز البحوث الزراعية عن نتائج ثورة علمية جديدة لعلماء قسم بحوث الزيتون، حيث نجحوا في استنباط 11 صنف زيتون مصري من الأصناف التي ثبت تحملها للتغيرات المناخية، والظروف المصرية المختلفة، من حيث التربة، والجغرافية المكانية.
والتقت "الأرض" باحثين من قسم بحوث الزيتون، حيث اطلعت على التراكيب الوراثية الجديدة لأشجار زيتون تخطت اختبارات قاسية جدا فيما يتعلق بتحملها للتغيرات المناخية على مدار نحو خمسة أعوام ماضية، ومنها ما يحل بديلا عن أصناف أجنبية لم تعد تناسب الأجواء المصرية الحالية.
الدكتور ماهر عمران والدكتور صلاح محمد السيد
وقال الدكتور ماهر عمران الباحث الأول بالقسم، إن التراكيب الوراثية الجديدة لأصناف الزيتون المصري، جاءت نتيجة إيجابية من جهود علماء سابقين حملوا مشعل التنقيب في أصول الأصناف المتاحة في مصر منذ أكثر من 40 عاما، ولم تعد تثمر بالمستوى الاقتصادي المأمول، في ظل التغيرات المناخية في مصر، بمعنى أن الأجواء التي تغيرت لم تعد تناسبها وراثيا، من حيث وحدات البرودة، ودرجات الحرارة أثناء التزهير والعقد الثمري.
اقرأ أيضاً
- وزير الزراعة يوجه رسالة وطنية في أول يوم عمل خلال العام الجديد
- الزراعة: لمزارعي الزيتون والعنب والطماطم والفلفل .. احذروا من هذه الأجراءات
- رسوم تصدير القمح الروسي الجديدة تضغط على الأسعار في الموانئ
- الزراعة : بيع 167530 قنطار قطن في 10 محافظات ضمن المنظومة الجديدة
- القصير يتابع نتائج تقييم بعض هجن وأصناف الطماطم
- بحوث الهندسة الزراعية ينحج في تصميم وحدة لأنتاج الكربون النشط من مخلفات الزيتون
- السلع التموينية تعلن ممارسة جديدة لتوريد 4 آلاف طن زيت خام
- وزير الزراعة يعلن عن آلية جديدة للحوكمة والرقابة على منظومة الأسمدة لمنع التلاعب
- قافلة ”إيفر جرو” تفتح ملف مزارع ”الهاشمية”
- وزير الزراعة: منظومة تسويق القطن الجديدة نجحت في تحقيق أسعار مناسبة للمزراعين
- البحوث الزراعية ينظم يوماً حقلياً لأصناف الطماطم الجديدة
- الفوائد الصحية للتين المنقوع في زيت الزيتون
وأضاف الدكتور عمران في تصريح خاص لموقع "الأرض" إن قائمة الأصناف الجديدة تضم 11 صنفا تم استنباطها بالتهجين بين أصناف مصرية وأخرى أجنبية من المتاحة في مصر، مثل: المانزانيلو، والبيكوال، والعجيزي، والتفاحي، والكروناكي، والحامض، وغيرها، مفيدا أن هناك أصناف ستحل إحلالا تاما لغيرها التي اعتاد المزارع المصري استئناسها في الأجواء المصرية، وتراجعت إنتاجيتها بسبب التغيرات المناخية.
قيمة اقتصادية لأشجار الزيتون الجديدة
من جهته، قال الدكتور صلاح محمد السيد الباحث في المعهد ذاته، والعضو المشارك في تجربة التراكيب الوراثية الجديدة لأشجار الزيتون، إنه لم يكن هناك بديل عن البحث العلمي المتواصل للخروج من الأزمة التي تهدد محصول الزيتون في مصر، خاصة في ظل الاعتماد على أصناف أجنبية تم استيرادها من أسبانيا، واليونان، وفرنسا، منذ قديم الأزل.
د. صلاح محمد السيد يختبر درجة الالتحام بين لحوم ثمرة الزيتون ونواة ثمرة من صنف "جيزة 102"
وأضاف الدكتور صلاح في تصريح لموقع "الأرض"، إن زراعة الأصناف المتاحة منذ نحو 45 عاما في مصر، أثبتت كفاءة جيدة وربحية عالية خلال السنوات التي سبقت عام 2019، "ثم تراجعت إنتاجيتها، وذلك بفعل عدم ملائمة المناخ الحالي لجيناتها الوراثية، التي تتطلب برودة عالية، لتزهير جيد، وعقد ثمري يحقق الربحية.
وأشار الدكتور صلاح إلى إن البحوث الجديدة التي تم إجراءها في مشروع التراكيب الوراثية الجديدة، ركزت على عنصر التبكير في التزهير، ليحدث العقد الثمري قبل موجات الحرارة المبكرة التي تفاجئ النورات الزهرية في النصف الأخير من مارس، وطوال شهر أبريل، وتقضي على حبوب اللقاح، وتؤثر سلبا على حيوية البويضات.
زيتون أسود منتصف أغسطس بديلا للمنزانيلو
وأكد الدكتور صلاح محمد السيد في تصريحه لموقع "الأرض"، أنه يمكن لمزارعي الزيتون حاليا الاستغناء تدريجيا عن زراعة الأصناف القديمة، وذلك بالتطعيم مرحليا باستخدام أقلام الأصناف الجديدة، ومنها: جيزة 102 الذي يتمتع بصفات ثمرية جيدة على صعيد الشكل، والحجم، واللحم، حيث يشبه تماما صنف المانزانيلو الأسباني الذي تراجعت إنتاجيته في مصر بفعل التغيرات المناخية.
د. ماهر عمران يستعرض ثمار زيتون كاملة النضج باللون الأسود لصنف "جيزة 102" في باكورة الإنتاج 15 أغسطس
ولفت صلاح النظر إلى أن صنف جيزة 102 يتمتع بخاصية التزهير والعقد المبكر، إضافة إلى احتياجاته القليلة من البرودة، "والميزة الأعلى قمية، تتمثل في نضجه التام المبكر في منتصف أغسطس، حيث تصل ثماره إلى اللون الأسود التام، ما يعني تسويق ثمار سوداء قبل موسمها التقليدي بنحو شهرين كاملين".
أشجار لزيتون الزيت مجربة في مصر
وعلى صعيد التجارب الحقلية، التقت "الأرض" المهندس محمد عرفة (مزارع واستشاري زيتون)، الذي أكد أنه يتعامل مع قسم بحوث الزيتون في معهد بحوث البساتين، منذ نحو 5 أعوام، حيث حصل على أشجار من مشروع التراكيب الوراثية الجديدة، وزرعها بالفعل في حزام قرية بني سلامة ـ وادي النطرون، جازما بنجاحها المبشر، وإنتاجيتها العالية، في ظل تغيرات مناخية، وتحديات مختلفة.
وقال عرفة في تصريحه لـ "الأرض" أن الأصناف الجديدة ستعيد الأمل إلى مزارعي الزيتون الذين تعرضوا لخسائر فادحة خلال العامين الماضيين، والعام الجاري، وذلك بفعل فشل العقد الثمري لأزهار الزيتون، كنتيجة سلبية للتغيرات المناخية التي لم تتحملها الأصناف السائدة في مصر منذ 45 عاما.
م. محمد عرفة نائب مدير مبيعات شركة شورى للكيماويات ومزارع زيتون
وذكر المهندس محمد عرفة أنه يفضل إحلال الأشجار الجيدة محل القديمة، وذلك بالتطعيم، دون الاحتكام إلى العواطف، حيث أن الهدف من شجرة الزيتون هو المحصول الاقتصادي المتمثل في الثمار، وليس المحصول الورقي الأخضر، مشيرا إلى أنه أزال أشجار 60 فدانا صنف منزانيلو، وغيرها بنظام التطعيم الخضري بالعقلة بصنف الدولسي، بخلاف ما هو سائد لدى مزارعي الزيتون.
تقبل مصانع الزيتون للأصناف الجديدة
وبخصوص نجاح تصنيع الأصناف الجديدة، مدى تقبل التجار لشراء ثمارها، قال الدكتور صلاح محمد السيد إن الأزمة التي خلقتها التغيرات المناخية، وتراجع الإنتاجية، دفع التجار والمصدرين لقبول فكرة البحث عن أصناف جديدة لاختبار إنتاجها، سواء بالحفظ بالماء والملح، أو الطبخ بهيدروكسيد البوتاسيوم، أو الأكسدة، ثم التشريح، أو الخلي، والحشو، لإكساب القيمة المضافة على الثمار.
وأكد علماء قسم بحوث الزيتون أن الأعوام القليلة المقبلة ستشد توسعا كبيرا في زراعة أشجار مشروع التراكيب الوراثية الجديدة، والتي نجحت بدرجة تلبي طموحات الباحثين والعلماء الذين أنجزوا هذه التجارب.
يذكر أن التغيرات المناخية كانت قد عصفت بمحصول الزيتون، خاصة في الأصناف الأجنبية التي تشتهر منها في مصر: البيكوال، المنزانيلو، الكلاماتا، الكوراتينا، وغيرها، وذلك بعد أن حققت المصر المركز الأول عالميا في إنتاج زيتون المائدة، مع إنتاج نحو 20 ألف طن زيت.
ويأمل الباحثون في قسم بحوث الزيتون بإعادة مصر إلى مصاف الدول الأولى المنتجة للزيتون، وذلك بالتوسع في زراعة الأصناف الجديدة، التي تتنوع ما بين ثمار مائدة، وثمار زيت، وثمار ثنائية الغرض، وتتميز بعدم المعاومة، واحتياجاتها القليلة من البرودة، وإزهارها المبكر.