الأسمدة النانوية.. خيار مستقبلي لمواجهة تحديات إنتاج الغذاء
د. خالد فتحى سالمتفتقد مصر حتى الآن الأسلوب التقني الأمثل لرفع نسبة الاستفادة من الأسمدة الزراعية، وذلك لخفض كمية إضافتها، شرط معظمة الاستفادة من الجرعة القليلة، وبالتالي خفض تكاليف الإنتاج، مع زيادة حجم الإنتاجية وجودة ما ينتج من الحاصلات الزراعية.
وقديما توصل العلم إلى تكنولوجيا النانو، التي تؤدي هذا الدور، بعد تجريب وتمحيص عشرات السنين، داخل معامل دولية وعالمية، حتى أجيز استخدامه في تصنيع الأسمدة والمبيدات، منذ سنوات طويلة في معظم الدول التي تهتم بصحة مواطنيها، ومع ذلك لم يت اعتماده حتى الآن في مصر.
والآن، ما أحوجنا في مصر إلى استخدام تكنولوجيا النانو، لمنظمة الاستفادة من العناصر السمادية، وأهمها التي تُعرَف باسم الكبرى، مثل: النتروجين والفوسفور والبوتاسيوم، االتي يحتاجها النبات بكميات كبيرة في الموسم الزراعي.
اقرأ أيضاً
- الاتجاهات الحديثة فى استخدام الأعشاب الطبية والعطرية كبدائل آمنة فى الغذاء
- وزير الغذاء الهندي: توقف برنامج الغذاء المجاني المطبق بفترة جائحة كورونا
- وزير الزراعة أمام البرلمان الدولة تتخذ كافة الإجراءات لمنع التعدى على الأراضي الزراعية
- رئيس هيئة الغذاء في السعودية لدعم نفاذ الصادرات المصرية
- رئيس هيئة سلامة الغذاء يلتقي وزير الزراعة اللبناني والوفد المرافق له
- وزير الزراعة يبحث مع رئيس هيئة سلامة الغذاء الالتزام بإجراءات السلامة في التصدير والاستيراد
- شعبة النقل: سلاسل الإمداد ستلعب دورا حيويا فى تعافى الاقتصاد المصرى
- النجاري لـ ”الأض”: عام 2050 سيشهد مأساة إنسانية في الغذاء
- ثورة تقنية لإنتاج غذاء بشري مصنوع من خلايا حيوانية مستزرعة
- إ دراسة هنغارية: سوق الغذاء المصري الأكثر تضرراً في العالم
- مؤتمر COP27 يطلق مبادرة يوم ”الغذاء والمياه والمأوى”
- أمين العربي للمياه يطلق حزمة قرارات أهمها دمج مفهوم الترابط بين المياه والغذاء والطاقة والمناخ
ويعتبر النيتروجين مصدر مهم للعناصر الكبرى لإنتاج الكتلة الحيوية والألياف النباتية في المحاصيل المنزرعة، ويعتبر أهم مكون للأسمدة عند تقييمه من حيث متطلبات الطاقة للتركيب والوزن المستخدم والقيمة الاقتصادية.
وبالمقارنة بكميات النتروجين المضافة للتربة الزراعية، فإن معدل كفاءة استخدام النباتات للنتروجين المضافة للتربة الزراعية منخفضة جدا، حيث يستفيد النبات من 50 الي 70٪ من كمياته المضافة من الأسمدة التقليدية في صورة تركيبات ذات أحجام أكبر من 100 نانومتر، والباقي يُفقَد بالغسيل مع ماء الصرف على شكل نترات قابلة للذوبان في الماء، او في صورة غاز الأمونيا او أكاسيد النيتروجين.
كما تتحول معظم الأسمدة الأزوتية التقليدية المضافة، إلى نيتروجين معدني مفقود لفترة طويلة، كما يتم تخزين النيتروجين على المدى الطويل في المواد العضوية التي تعيش عليها الكائنات الحية الدقيقة في التربة، ولا توجد حتى الآن، محاولات ناجحة لزيادة كفاءة استخدام النيتروجين، ولذا يجب البحث عن طرق بديلة مثل استخدام تقنية النانو لحل هذه المشكلات في الاستفادة من اكبر قدر من الأسمدة المضافة.
حديثا وجد ان الأنابيب النانوية الكربونية تخترق تقاوي المحاصيل المنزرعة في صورة أكاسيد نانوية مثل الزنك النانوي والتيتانيوم النانوي والفضة النانوي والذهب النانوي وغيرها من المركبات النانوية والتي اثبتت كفاءة عالية ضد الاجهادات البيئية التي تواجه النبات والتغيرات المناخية، وأيضا كاسمدة تمتص من خلال جذور المحاصيل المنزرعة مما يشير إلى أنه يمكن تطوير وإيجاد أنظمة جديدة وفعالة لامتصاص العناصر الكبرى والصغري في الصورة النانوية.
ومع ذلك، فإن الاستخدام المحتمل لتقنية النانو لتحسين تركيبات الأسمدة قد يعوقه ضعف تمويل البحث العلمي وأيضا عدم وجود قوانين فاعلة لترخيص وتسجيل الأسمدة والمبيدات النانوية في السوق الزراعية، وذلك ربما للخوف من اثارها الضارة وترسبها أحيانا داخل انسجة النبات ومن ثم الحيوان والانسان اذا تغذي علي هذه المنتجات الزراعية.
ويشير مصطلح الأسمدة النانوية إلى منتج يوفر العناصر الغذائية للنباتات بإحدى الطرق الثلاث مثل أنابيب نانوية أو مواد نانوية مسامية أو مواد مغلفة بغشاء بوليمر واقي رقيق، أو جسيمات نانوية الأبعاد أو مستحلبات من حيث نسبة مساحة السطح إلى الحجم، كما يمكن تغليف المغذيات في صورتها النانوية.
وأثبتت الدراسات الحديثة تفوق فعالية الأسمدة النانوية على الأسمدة التقليدية المغلفة بالبوليمر، ومن الناحية المثالية، يمكن توفير لتقنية النانو أن توفر النيتروجين من الأسمدة مع امتصاصه بواسطة جذور النباتات أو ثغور أوراقها، ومنع العناصر الغذائية من التفاعل مع التربة والمياه والكائنات الحية الدقيقة، وذلك بربطها فيزيقية وكيميائي بمواد عضوية مثل الكربون العضوي (البايوتشار)، حيث يتم إطلاق العناصر الغذائية فقط عندما يحتاجها للنبات مباشرة، فيما يُعرَف باسم (الانتشار البطيء).
ومن الاستراتيجيات النانوية الناجحة الان، استخدام المركبات النانوية الثنائية التي تنظم نمو النبات، وأيضا هناك تحسين في إنتاجية الأسمدة المدمجة في الأنابيب النانوية، وأيضا هناك طرق للتحكم في إطلاق النيتروجين عن طريق تحلل اليوريا بإدخال إنزيم اليوريز.
وتعتبر الأخيرة من الطرق التي لها مستقبل واعد في سوق الاسمدة الزراعية، إلا أنها تفتقر إلى الطرق التي توضح استجابة واحتياجات المحاصيل والتغير في نسب النيتروجين في التربة الزراعية، ولكن تطوير وانتاج المركبات النانوية من الاليات التي ستحدث تقدما كبيرا في زيادة كفائة استخدام الأسمدة النانوية وإنتاج المحاصيل.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحسين كفاء استخدام الأسمدة بطرق أخرى، مثل دمج عناصر بحجم النانو في الأسمدة، وإضافة مبيدات لها خصائص تحفيزية، بالإضافة إلى تحسين انتاجية المحاصيل من خلال امتصاص غاز النيتروجين اثناء عملية البناء الضوئي.
كما وجد ان جزيئات النانو الممتصة من جذور النباتات تشكل أغشية في جدر خلايا النبات، والتي يمكن أن تعمل علي زيادة تحمل المحاصيل المنزرعة للاجهادات البيئية، مثل: الملوحة والجفاف والحرارة وحتي المقاومة للامراض النباتية المختلفة وتحسين المحصول وزيادته، وأيضا تقليل تلوث التربة والهواء والماء.
والمحصلة: تقليل الكمية المضافة من الأسمدة الي التربة، وأيضا تقليل الطاقة المستخدمة في انتاجها لانها ستكون كميات قليلة وبسيطة عن الأسمدة التقليدية، ولذا تستمر الأبحاث الرامية إلى تطوير هذه المنتجات، لإيجاد طرق دمج تقنيات النانو في الأسمدة والمبيدات الزراعية، مع مراعاة المخاطر المحتملة على الانسان والبيئة.
……………
* أستاذ بمعهد الهندسة الوراثية
جامعة مدينة السادات