وصلنا للندرة المائية وهذه الأسباب
بقلم: د. أسامة سلامهذا المقال هو الأول من خمس مقالات تهتم بتبسيط بعض مفاهيم المياه ونظريات الإدارة والتي كثيراً ما يقف أمامها القراء غير المتخصصين، لذا سأنشر الخميس من كل أسبوع مقالا يقدم رؤية أعمق لغير المتخصص في علوم المياه، فيما يخص مؤشرات كفاءة استخدام المياه وإدارة الطلب، وسيكون المقال قصيراً حتى يشجع القارئ العزيز على استكمال قراءته والاستفادة منه بإذن الله.
نظراً لاتساع مجالات استخدام المياه، لا يمكننا إنكار أهميتها من الناحية الاقتصادية في جميع القطاعـات الحيوية بمصر كالزرعة والصناعة والاستخدامات البشرية المنزلية.
ومن البديهيات الاقتصادية، أنه كلما كان المورد وفيراً فلا يوجد اهتمام حقيقي بكفاءة استخدامه وترشيده، وعلى العكس، عنـدما يصـبح المـورد نادراً كالمياه في حالتنا في مصر بسـبب تحديات الكم أو النوع، تظهـر التسـاؤلات والنظريات والتوجيهات الجديـة حـول كيفيـة استخدامه وحمايته بكفاءة ورشد.
اقرأ أيضاً
- الزراعة تسويق 343 ألف قنطار قطن بأسعار تجاوزت 8200 جنية للقنطار
- أستاذ بحوث الماعز يوضح افضل السلالات إنتاجا وأسباب تفوق المحلي على المستورد
- القومى لبحوث المياه والهيئة الفنية الدائمة المشتركة لمياه النيل يفوزان بمقعدين بالانتخاب في مجلس محافظي المجلس العالمي للمياه
- زراعة القمح المتأخر.. توصيات فنية هامة من وزارة الزراعة
- وزيرة البيئة: مؤتمر المناخ حدثا مشهودا في تاريخ العلاقات الدولية
- رغم التحديات والأزمات.. تعرف على أسباب ارتفاع حجم الصادرات الزراعية المصرية
- ”شوري” تُوصي باستخدام فرمون ”فلاي كاب” للسيطرة على ذبابة فاكهة البحر المتوسط
- رسمياً.. ابيدجان تطلب من مصر تطوير زراعة الكاكاو والفاكهة الاستوائية
- حديقة الحيوان تستقبل أكثر من 30 ألف زائر من المواطنين ورحلات المدارس والجامعات
- ”الزراعة” تتابع زراعات الفراولة في القليوبية وتراخيص المشاتل والصوب بالمنوفية
- ”الزراعة” تشارك في ختام برنامج إدارة المياه والزراعة بالتعاون مع الحكومة الهولندية
- وزير الزراعة: إعطاء أكثر من 4 مليون جرعة ضد مرضى الحمي القلاعية وحمى الوادي المتصدع
لذا فالنظرة الاقتصادية لعملية إدارة الطلب على المياه تساعد على الاستخدام الأكثر كفاءة للمورد المائي باعتباره موردا نادرا، والسؤال: هل أصبح الماء موردا نادرا في مصر؟ والإجابة نعم، وليس نادرا فقط، إنما وصل إلى مرحلة الندرة المطلقة والتي يتراوح فيها نصيب الفرد من المياه المتجددة إلى أقل من 500 متر مكعب من المياه سنويا، وهذا ما حدث بالفعل أوعلى وشك الحدوث خلال عام أو أكثر.
البعد الاقتصادي لاستخدام المياه بكفاءة يتطلب ضرورة تطبيق كل الممارسات والوسائل التي من شأنها ترشيد استخدام المياه وتعظيم الانتفاع منها، وتعتبر كـل من مؤشـرات إنتاجيــة الميــاه من المحاصيل والمنتجات وكفـاءة الاســتخدام، إلى جانــب عمليــات تسعير أو استعاضة التكاليف الملائمة للمياه من أهم هذه الممارسات ليس فقط لتأثيرها الإيجابي على استخدام المياه بكفاءة، بل لأنها تجنبنا الحاجـة إلى مــوارد مائيـة إضـافية أو مواجهة عجز مائي محتمل (آثار سد النهضة على سبيل المثال) كما أنها تساهم إلى حد ما في تلبية الطلب المتزايد من المياه.
وفي السطور الآتية سوف نلقي الضوء على بعض المفاهيم والتي نأمل أن تجد صدى لدى القارئ الكريم وأول هذه المفاهيم هو مفهوم إدارة الطلب على المياه. وإدارة الطلب على المياه ببساطة هي تحقيـق أقصـى إسـتفادة ممكنـة مـن الميـاه المتاحـة حاليا للاسـتعمال، بما يعني اتخاذ أي إجراءات أو ممارسات تعمل على تقليـل مـن كميـة الميـاه الـتي نحتـاج إليهـا للأستخدام أو تحـافظ علـى كميات الميـاه الموجودة دون تغيير جودتها أو تلوثها، وهذا يعني أن القليل مـن المـاء يمكـن أن ينتج الكثـير من السلع والمنتجات والخدمات، فالحصـول علـى محاصيل ومنتجات وفوائـد بكميات كبيرة باستخدام قليل من المياه سوف يخفـض الطلـب علـى الميـاه ويقلل مـن التـدهور البيئـي وحتى قد يمنع حروب وصراعات.
وللعلم فإن مفهوم إدارة الطلب على المياه لم يبـدأ في الظهور إلا في أوائـل التسـعينات، عندما تطـرق البنـك الـدولي لهـذا المفهـوم في الإستراتيجية الخاصة بإدارة الموارد المائية.
............................................
*خبير دولي بالموارد المائية