د. أسامه حمدي يكتب: تصحيح مفاهيم في الدهون واللحوم وأمراض القلب والشرايين
اتصل بي أكثر من صديق للسؤال عن صحة ما يتداول في الإعلام المصري ووسائل الاتصال بأن الكوليسترول بريء من الإصابة بجلطات القلب والشرايين، ولا داعي للعلاج منه، وأن منظمة الزراعة الأمريكية رفعته من قائمة المحظورات.
واستدل البعض ببعض كلماتي ومحاضراتي بأن القشطة والسمن البلدي غير ضارين، قائلين أهلًا بأكل كل ما يرفع الكوليسترول فلا خطورة منه!
والحقيقة:
أنه اختلط الأمر على الكثيرين
وحتى على الأطباء منهم.
وللتوضيح الشديد والبسيط، نذكر الآتي:
اقرأ أيضاً
- خبير مائي: تخزين 14 مليار متر مياه وراء «سد النهضة» حتى الآن
- 3 خطوات مهمة للحفاظ على محصول الجوافة خلال اغسطس
- تعرف على عوامل تزهير المحاصيل البستانية وأسباب فشله
- رئيس الوزراء لـ«أباتشي الأمريكية»: نتطلع إلى المزيد من الاستثمارات الجديدة قريبًا
- «السيسي» يكلف التركيز على تطوير الكوادر البشرية ومنظومة المعلمين
- «السيسي» يوجه باستمرار تحديث استراتيجية جهاز المشروعات وزيادة الصادرات الصناعية والزراعية
- «التعليم العالي»: مد تنسيق المرحلة الثانية حتى 20 أغسطس
- «100 يوم صحة»: 20.5 مليون خدمة مجانية للمواطنين خلال 54 يوما
- لا صحة للإفراج عن شحنات قمح فاسدة أو غير صالحة.. الزراعة في أسبوع
- «القناة»: نجاح أول عملية تموين سفينة حاويات بالوقود الأخضر بميناء شرق بورسعيد
- وزيرة البيئة تؤكد ضرورة حصول أفريقيا على 20 مليار دولار للحفاظ على التنوع البيولوجي
- وزيرة الهجرة: عقول وخبرات المصريين بالخارج ثروة قومية لا تقدر بثمن
أولًا
ارتباط الكوليسترول بجلطات القلب والشرايين، وثيق لا يساوره الشك، بمعنى أن ارتفاع الكوليسترول وتركه بدون علاج سيؤدي حتمًا الى انسداد شرايين القلب والدماغ والأطراف، خاصة إذا كان
الشخصمدخنًا أو مصابًا بالبدانة أو إرتفاع ضغط الدم
أو مرض السكر.
وخفض الكوليسترول الضار LDL بالتأكيد، يؤدي إلى خفض فرص الإصابة بجلطات القلب والدماغ، خاصة عند مرضى السكر.
فما هو إذن مصدر الالتباس؟
مصدر الالتباس كان عن مصدر ارتفاع الكوليسترول، وليس عن خطر الكوليسترول.
فكوليسترول الدم الضار LDL
يأتي من زيادة إنتاجه من الكبد
وليس له حل طبي سوى العلاج بمخفضات الكوليسترول
المعروفة بالاستاتين statin
أو بعض الادوية الحديثة بالحقن.
كوليسترول البيض والكبد حميد
أما الكوليسترول في الطعام
كالموجود في البيض والكبد والكلاوي والمخ والجمبري وغيره من القشريات البحرية فمساهمته قليلة في كوليسترول الدم لصعوبة امتصاصة من الأمعاء، فتأثيره لا يزيد عن ١٠-١٥٪ من كوليسترول الدم، وهو ما دفع هيئة الزراعة الأمريكية في ٢٠١٥ للتأكيد على أنه لا داعي لتحديد كميته في الأكل لأقل من ٣٠٠٠ مجم يوميًا، كما كان معهودًا ومنصوحًا به من قبل، وهو ما طالبتُ به لسنوات، أنا وكثير من زملائي من الخبراء في التغذية الطبية،
وهو ما تم رفعه فعلًا من التوصيات.
فيمكن للشخص البالغ أن يتناول بيضة أو اثنتين مسلوقتين يوميًا بلا خوف.
وللتأكيد مرة ثانية، هذا ليس معناه أن الكوليسترول غير ضار ولكن زيادته من هذا المصدر (البيض) ضئيلة.
واللبس الآخر كان في خطورة الدهون المشبعة وعلاقتها بجلطات القلب والدماغ لأنها ترفع الكوليسترول الضار في الدم.
وللتوضيح:
الدهون المشبعة لا تحتوي على الكوليسترول ولكن تناولها بكثرة يرفع من مستوى الكوليسترول الضار في الدم بنسبة كبيرة.
وتأتي الدهون المشبعة من مصدرين رئيسيين، أولهما اللحوم، والثاني منتجات الألبان كاملة الدسم.
فالدهون المشبعة من اللحوم تزيد بلا شك من فرص الإصابة بجلطات القلب والشرايين.
كما أن اللحوم نفسها وخاصة المخلَّقة منها كاللانشون والهوت دوجز وغيرها تزيد من فرص الإصابة بالسكر من النوع الثاني.
وللوقاية من أمراض شرايين القلب والمخ، يجب نزع دهن اللحوم الحمراء والامتناع تمامًا عن أكل اللحوم المُخَلَّقة processed meat
كثرة اللحوم الحمراء تصيب بالسكر
ولتقليل فرص الإصابة بالسكر ينصح بالإقلال من أكل اللحوم الحمراء ككل إلا مرة أو اثنتان في الأسبوع، كما كنا نأكل زمان، والامتناع عن اللحوم المخلقة كليًا.
أما المصدر الآخر للدهون المشبعة، وهو منتجات الألبان
كالزبادي والجبن والقشدة والسمن البلدي، فهي ذات فائدة على عكس الدارج ولا تزيد من أمراض شرايين القلب والدماغ كما كان معتقدًا من قبل.
ولقد انتهينا للتو من بحث سيعرض في المؤتمر المقبل للجمعية الأمريكية للسكر،
يوضح أنه لا فرق بين منتجات الألبان عالية أو منخفضة الدسم على مسببات أمراض القلب والشرايين، إلا أن متناولي منتجات الألبان عالية الدسم قد زاد وزنهم لكثافة السعرات الحرارية في دهن منتجات الألبان.
ومعنى ذلك أنه يمكنك تناول منتجات الألبان عالية الدسم بدون خوف.
ولكن احذر الكمية حتى لا يزيد وزنك، وبالتالي تزيد فرصة إصابتك بمرض السكر وأمراض القلب والمرتبطة أيضًا بزيادة الوزن.
الزيوت القاتلة
يبقى نوعان من الدهون،
أولهما قاتل جدًا، والآخر مفيد جدًا، أما القاتل جدًا فهو الزيوت المهدرجة كالسمن الصناعي
والموجود في جميع المعجنات
كالتورته والكعك ومعظم الحلويات والبسكويت والبطاطس المحمرة والمقليات، ويكفي تناول جرام واحد منه يوميًا ليزيد فرصة حدوث جلطات القلب بنسبة ٩٣٪ كما أثبتت كلية هارفارد للصحة العامة.
وللأسف، مصر وباكستان أعلى دولتين في العالم في استهلاك هذا السمن المصنع من الزيوت المهدرجة والتى منعته تمامًا العديد من الدول المتقدمة لخطورته الشديدة.
ويحزنني جدًا مشاهدة إعلانات السمن التي تملأ المحطات المصرية بلا وعي أو رقابة من وزارة الصحة فهو السم الغذائي القاتل في علب من الصفيح!
الدهون الحميدة
أما الدهن المفيد، فهو الآتي من زيت الزيتون والكانولا والأفوكادو، وهي الزيوت الوحيدة التي تخفض الكوليسترول الضار، وترفع الكولسترول الحميد في الدم.
ومن أفضل الدهون أيضًا، دهن السمك الموجود بكثرة في السمك البوري المصري والقراميط وغيرها من الأسماك الدهنية فهو يخفض مستوى الترايجليسرايد triglycerides في الدم كما أن به مادة ال EPA المضادة للالتهاب في الجسم والموجودة في دهن الأوميجا ٣ omega-3 والمتوافرة في دهون الأسماك. والأبحاث الحديثة أثبتت أن تناول ال EPA من دهون السمك يقلل الإصابة بجلطات القلب بنسبة ٢٥٪. فرحم الله آباءنا حين كانوا يصرون على تناولنا لملعقة زيت السمك المر كل يوم قبل الذهاب للمدرسة.
إذن ما هي النصيحة العامة؟
خلاصة القول:
أكثر من أكل الأسماك الدهنية
و تناول زيت السمك
وأكثر من زيت الزيتون، والكانولا
ولا مانع من أكل البيض المسلوق واحدة أو اثنتان يوميًا
كما أنه لا مانع من شرب اللبن كامل الدسم، وتناول منتجات الألبان كالجبن والقشدة والسمن البلدي، ولكن باعتدال شديد، لزيادة سعراتها الحرارية مما قد يزيد الوزن.
وأفضل منتجات الألبان
الزبادي والجبن المخمر، كالجبن الأزرق والرومي
وحتى المش، لاحتوائهم على بكتريا اللاكتوباسيلس lactobacillus
المفيدة للجهاز الهضمي وللصحة عمومًا.
وإمتنع تماااااامًا عن دهون اللحم، وتوقف عن أكل الدهون المخلَّقة، كاللانشون والهوت دوجز وغيرهم.
ولا تدخل بيتك بتاتا السمن الصناعي، وكل ما دخل فيه السمن الصناعي.
وتوقف عن المحمرات في الزيوت والسمن الصناعي
كالبطاطس الشيبس وغيرها.
وإذا أكلت اللحوم الحمراء
فلا تكثر عن مرتين أسبوعيا
مع نزع الدهن
وتوقف عن أكل اللحوم المخلقة مثل: كاللانشون، والهوت دوجز، والبلوبيف، إن كنت تريد أن تتمتع بقلب صحيح وشرايين سليمة.
___________________
د. أسامة حمدي
أستاذ السكر والباطنة بجامعة
هارفارد الأمريكية