زيت الزيتون.. إنتاج تاريخي لأديرة مصر القديمة
كتب: م. ياسين حمدي *بانوبوليس مدينة مصرية قديمة، وهي عاصمة إحدى مدن صعيد مصر قديما، وتقع جنوبي البلاد، وتمتد من محيط القاهرة حاليا حتى الشلال الأول لنهر النيل.
تقع المدينة على طول سهل أعطى المنطقة أرضًا خصبة، بفضل طمي نهر النيل، وتنتج الغذاء بكميات كبيرة مما جعلها منطقة مثالية لعبور طرق التجارة، والدليل على ذلك، هو اكتشاف مخزون النبيذ عند الكنعانيين.
وانعكست هذه الثروة في حكامها وسكانها الذين كانوا مشاركين في حياة اجتماعية ثرية.
اقرأ أيضاً
- المقدار الأمثل لتناول زيت الزيتون يوميا
- دراسة: زيت الزيتون البكر يحميك من سرطانات «المعدة والقولون والمستقيم»
- رؤية تاريخية.. أهداف إنسانية للنهوض باقتصاديات أشجار الزيتون
- زيت الزيتون وعلاج سرطان الأطفال
- أشعة وحرارة توقفان البناء الضوئي .. وسليكات البوتاسيوم هي الحل
- زيت الزيتون في إسبانيا.. انتعاشة إنتاجية وأسعار قياسية
- ملامح وآثار فرعونية لزيتون مصر
- تعرف على فاعلية مستخلص أوراق الزيتون لمرضى السكرى
- زيت الزيتون ينقذ تونس من التعثر المالي
- زيت الزيتون 1٪ من إنتاج الدهون النباتية والحيوانية في العالم
- فوائد الأوكسينات والسيتوكينينات لأشجار الزيتون
- هل يصلح تجميد زيت الزيتون؟
وخلال القرنين الرابع والخامس، كانت منطقة قبطية مهمة، حيث تطور الإيمان المسيحي في ذلك الوقت وكانت بانوبوليس تسمى شيم وكانت مقرا هاما للأساقفة، حيث تم بناء العديد من المعابد والأديرة للعبادة.
ومن أهم الأديرة التي بنيت في ذلك الوقت، دير أجمين الأبيض أو دير سان شنودة، والذي تم بناؤه بفضل الحجارة التي كانت تزين المعابد المصرية القديمة بالمنطقة.
أسس الدير شنوت، وهو شخصية دينية مصرية من أوائل المسيحية وكاتب، وأنشأ شيئا داخل الدير، وأمر بأن يخصص الرهبان، إلى جانب الصلاة والعبادة، لأنواع أخرى من الحرف التقليدية مثل صناعة الخزائن والخياطة وتجليد الكتابة.
فعل شنوت ما فعل في البناء والتأسيس، بنية نبيلة هي تشغيل الرهبان في مهنهم القديمة قبل الرهبنة، فجعلت مثل هذه الأنشطة الدير مجمعًا واسعًا مكتفيًا ذاتيًا، يحتل حوالي 52 كيلو مترًا مربعًا من الأرض.
ونجح ساكنو الدير بزراعة مختلف المحاصيل والبساتين والحبوب والأشجار المثمرة وكروم العنب وأشجار الزيتون، وكانت بساتين الزيتون تمثل محصولاً مهماً، نظراً للإنتاج الكبير المتاح. وكان زيت الزيتون يصنعه الرهبان في معاصر الزيتون التابعة للدير، وكانت أسرار إنتاجه مكتوبة في مخطوطات لا يعرفها إلا الرهبان.
دفعت أهمية زيت الزيتون الصافي الذي ينتجه الرهبان، كلاً من البابا القبطي بنيامين الأول ويوساب إلى تعزيز معايير الترميم في البنية التحتية لجميع الأديرة، حتى يتمكن الجميع من الاستمتاع بمنطقة مخصصة لإنتاج زيت الزيتون، مما يوفر للأديرة احتياجاتها الخاصة.
لم يكن الرهبان يستهلكون زيت الزيتون ويستخدمونه فحسب، بل تم تصديره أيضًا عبر طرق تجارية مختلفة إلى أجزاء أخرى من العالم، كما هو الحال في بقية أنحاء العالم، خلال فترات مختلفة من التاريخ.
واستخدم الرهبان زيت الزيتون الصافي بطرق مختلفة، حيث استخدموه في الطبخ، ولتحضير جميع أنواع الأطباق والأطعمة، وفي مستحضرات التجميل، وفي تحضير العطور والمستحضرات، وكعلاج طبيعي في مجال الطب.
* خبير دولي في مجال زيت الزيتون