المنتجون هم أبطال الأزمة العالمية في ظل ”كورونا” .. وهلع المستهلكين للتخزين وراء ارتفاع الأسعار
العناني في حوار لـ ”الأرض”: المستوردون يتربصون بصناعة الدواجن بعد تعافيها
حاوره: محمود البرغوثيـ مصر تنتج حاليا 3.6 مليون دجاجة يوميا .. وإنتاجنا يكفينا شر الاستيراد
ـ تعافي صناعة الدواجن سيهبط بالأسعار إلى أقل من 20 جنيها للكيلو بعد رمضان
ـ توقع ثبوت الأسعار عند الحد الآمن للمربي والعادل للمستهلك خلال رمضان
ـ مزارع الدواجن تعمل بكامل طاقتها خلال أزمة كورونا .. ولدى المجازر مخزون استراتيجي كبير
ـ تراجع الأسعار طبيعي بسبب إغلاق الفنادق وتوقف السياحة .. والاستيراد سيربك الصناعة من جديد
ـ دورة صناعة الدواجن من الجد حتى آخر يوم تسمين 18 شهرا .. وأي تدخل بالاستيراد سيربك الصناعة مجددا
ـ 70% من إنتاج الدواجن في أيدي صغار المستثمرين .. والخسائر دفعتهم للتطوير
ـ "البنك الأهلي: رائد في مبادرة تطوير مزارع المستثمرين الصغار في "الدلتا" .. تمويل بفائدة 5% فقط
العالم كله يراهن على المنتجين حاليا، ليس في مجال صناعة الدواجن وحدها، ولكن في صناعة الحبوب والبطاطس أيضا، والغذاء بشكل عام، ولا يوجد صانع للغذاء في الأساس بعيدا عن الفلاح، أو المستثمر الزراعي، أو مربي الدواجن والماشية، ومُزارع الأسماك، وهؤلاء جميعا هم أبطال الأزمات على كوكب الأرض.
المهندس محمود العناني عضو مجلس إدارة اتحاد منتجي الدواجن في مصر، ورئيس مجلس إدارة "الدقهلية للتنمية الزراعية والإنتاج الداجني"، فتح قلبه في حوار مع موقع "الأرض"، حول أزمة الغذاء العالمي في ظل "كورونا"، وما هو مطلوب من الحكومات لدعم المنتجين، والحفاظ على مقدرات الأمم في صناعاتها المحلية، ضمانا لصون وظائف المواطنين، وتحقيق الأمن الغذائي بالسعر العادل للمستهلكين.
إلى التفاصيل:
* أليس من حق المستوردين أن يتربصوا بمنتجي الدواجن، بعد الارتفاعات القياسية التي طرأت على الأسعار خلال الأسابيع القليلة الماضية؟
ـ ارتفاع الأسعار إلى المستوى القياسي، حدث ليومين فقط، بسبب تكالب المستهلكين على تخزين السلع، خوفا وفزعا من وباء "كورونا"، لكن الأسعار تراجعت مرة أخرى إلى الحد الآمن، الذي يضمن تحقيق هامش ربح للمنتج، كما يحقق عنصر الرأفة بالمستهلك.
* الدولة، ممثلة في وزارة التموين، قد تلجأ إلى استيراد الدواجن، للوفاء باحتياجات المواطين، خاصة في شهر رمضان؟
ـ صناعة الدواجن في مصر توفر اليوم في مصر نحو 3.6 مليون دجاجة يوميا، ولا مبرر أبدا للاستيراد، والحديث عن تحقيق موازنة أسعار للمستهلك، تضر بكيان استثماري جبار يضم تحت أجنحته فئات عمالية مهمشة، وفقراء مصريين، وهم مستهلكون أيضا للدواجن التي تمثل أرخص البروتينات المتاحة للإنسان.
* وهل شركات اتحاد منتجي الدواجن ملتزمة بتنفيذ الاتفاقيات السابقة في توريد دواجن مبردة (كاملة ومجزءات) إلى المجمعات الاستهلاكية الخاصة بوزارة التموين، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية؟
ـ دخلنا مرحلة جادة من تنفيذ الاتفاقية التي عقدها الاتحاد لصالح عدد من الشركات مع وزارة التموين، وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، لكن فوجئنا بتعنت في استلام الكميات، حيث يتم الاعتراض على فنيات صغيرة في شكل الكرتونة، أو رباطها، وهي أمور واردة الحدوث في الدواجن المستوردة. وأؤكد هنا أن جميع الشركات الكبرى العامة في مجال إنتاج الدواجن، ليس لديها أي مانع في توريد دواجنها المحلية إلى مجمعات الوزارة والمشروع، لصالح المستهلك المصري، لكن دون خسائر، حيث أن هذا القطاع يمثل أكبر الكيانات الاستثمارية وأهمها، ويدير حركة مالية قوامها يزيد على 75 مليار جنيه حاليا، متجسدة في مزارع، مصانع أعلاف، مجازر، آليات نقل وتبريد وتجميد، مفرخات، وغيرها، كما يتيح أكثر من 5 ملايين فرصة عمل للمهمشين في القرى.
* لكن الحكومة، ممثلة في وزارة التموين، لديها هاجس مهم في الحفاظ على الأمن الغذائي الداخلي، خاصة في مثل أزمة "كورونا" الحالية؟
ـ الحكومة المصرية أبلت بلاء حسنا في إدارة الأزمة، وقطاع الدواجن لم يتوقف أبدا، حيث يعمل بكامل طاقته، خلال 24 ساعة للإنتاج، ولم يحدث أن تراجع معدل ضخ الدواجن إلى المجمعات أو الأسواق، أو السوبر ماركت، ومن هنا يجب أن تلتفت الدولة إلى أهمية هذا القطاع، حيث لا يمكن لأي دولة أن تعتمد على الاستيراد في تلبية احتياجات شعوبها غذائيا، في ظل الأزمات.
* كانت صناعة الدواجن قد مرت بأزمة كبيرة .. فهل تعافت خلال الشهور القليلة الماضية؟
ـ دورة صناعة الدواجن من الجد إلى السوبر ماركت (جد، أم، بيضة، كتكوت، تسمين، مجزر) تستغرق 18 شهرا، ولذلك تتعرض لانتكاسة كبيرة إذا حدث الاستيراد خلال الفترة الطبيعية المخصصة لكل حلقة من حلقاتها، والحمد لله نشهد أن صناعتنا تعافت، لكن ندعو الله ألا يفيق المستوردون، فيتربصون بها مرة أخرى. وما يجب أن يلتفت إليه أولي الأمر، أن 70 % من إنتاج الدواجن في مصر، في أيدي صغار المستثمرين، وخروجهم من السوق بسبب الخسائر المتلاحقة يمثل كارثة اقتصادية، حيث يرتبط بهم العديد من فرص العمل، والصناعات المغذية الأخرى.
* ولماذا لا يتبنى اتحاد منتجي الدواجن مبادرة لتطوير هؤلاء الصغار المهمين؟
ـ معظمهم لا يدخل تحت لواء الاتحاد، لكن البنك الأهلي أطلق مبادرة اقتصادية عبقرية لتطوير مزارع هؤلاء، خاصة من هم في الدلتا، أو الذين لا يملكون الخروج إلى الظهير الصحراوي، حيث يقرضهم لتطوير عنابرهم بالنظام الحديث المغلق، بفائدة 5%، وللأمانة، فإن هذه المبادرة سوف تنقل صناعة الدواجن في مصر إلى مستوى التصدير، بعدما حققنا الاكتفاء الذاتي من زمن طويل.
* ما توقعاتك عن الأسعار خلال رمضان والأيام التي تسبقه؟
ـ الأسعار حاليا في الحدود المعقولة، حيث تباع من المزرعة بـ 24 جنيها للكيلو جرام، لتصل إلى المستهلك بسعر 27 جنيها، ونتوقع هبوطها خلال رمضان إلى 22 جنيها للمزراعة، و25 جنيها للمستهلك، وذلك لتوافر الإنتاج اليومي بطاقته الكاملة، ووجود مخزون لدى المجازر، بسبب توقف السياحة، وإغلاق المطاعم والفنادق.
* وإذا كان الإنتاج غزير، والمخزون الاستراتيجي آمن، فكيف يجرؤ المستوردون على الاستيراد؟
- المستورد لا يهمه سوى مصلحته، وهو يضغط بتوجيه الرأي العام للشكوى من الأسعار، فتستجيب الحكومة لطلبات الاستيراد، التي تغرق الصناعة، وتضرها بعد أن تعافت إلى حد ما بفعل الاستشفاء الذاتي.
* هل الفترة التي شهدت ارتفاعا في أسعار الدواجن، عوضت المربين عن خسائر العامين الماضيين؟
ـ المتربصون بالصناعة من المستوردين، لا يتركون المربين يهنأون بمكاسب فترة قصيرة، قد تجبر كسورهم، ولا نطلب من الحكومة إلا الامتثال لقرار السيد رئيس الجمهورية، حينما أمر بتشكيل لجنة تنظر بعين المصلحة الوطنية في طلبات استيراد الدواجن، ويكفي أن نسجل هنا أن المنتجين المصريين يستحقون التكريم، لكونهم ظهروا كأبطال حقيقيين في مجال توفير الغذاء للمواطنين، في ظل أزمة "كورونا". ونؤكد على أن إنتاج مصر حاليا من الدواجن، يزيد على الاكتفاء الذاتي، كما نؤكد أن الأسعار ستهبط مرة أخرى بعد رمضان عن حد التكلفة.