رئيس الوزراء: قانون التصالح في مخالفات البناء ليس إجراء عقابياً ولكن يخدم المواطنين
شعبان بلالقال الدكتور مصطفى رئيس مجلس الوزراء، إن ظاهرة البناء غير المخطط، بدأت في مصر منذ عقد السبعينات من القرن الماضي، وكانت نتيجة لتزايد النمو السكاني الكبير، وعدم القدرة الاقتصادية للدولة خلال هذه الفترة على توفير البديل المناسب من السكن والأراضي للمواطنين، وهو ما دعا المواطنين في هذه المرحلة إلى البناء بشكل عشوائي وغير المخطط من قبل الدولة.
وشرح "مدبولي" خلال مؤتمر صحفي بحضور عدد من الوزراء والمسئولين، توجهات الدولة والتحديات التي تواجهنا في التعامل مع مثل هذه القضايا، قائلاً: من هذا المنطلق وتعاملاً مع ما يثار في مختلف وسائل الإعلام، وعبر مواقع التواصل الاجتماعي حول ملف التصالح مع مخالفات البناء، وجدنا أنه من المناسب أهمية التواصل لعرض كافة أبعاد القضية، والتحديات التي تواجهها الدولة في هذا الشأن، وأيضا توضيح الخطوات والجهود التي تقوم بها الدولة؛ سواء حالياً أو مستقبلياً للتعامل مع هذه الظاهرة.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: أغلب هذا البناء تم على الأراضي الزراعية التي كانت تحيط بالمدن القائمة، أو موجودة داخل القرى المصرية، منوهاً إلى أن الظروف الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد في هذه المرحلة دعت الدولة تغض الطرف عن هذه التصرفات التي تحدث من قبل المواطنين وقيامهم بالتعدي على أراض زراعية والقيام بالبناء العشوائي عليها، مضيفاً أن هذه الفترة شهدت كذلك صدور عدد من القرارات والإجراءات لتوصيل المرافق لهذه المباني المقامة بالمخالفة للقوانين، والتعامل مع المواطنين بطريقة ميسرة، وهو ما أوجد اتجاها لدى العديد من المصريين أن البناء بهذه الطريقة هو النمط الغالب الموجود على أرض مصر .
وكشف رئيس الوزراء عن أن البناء العشوائي أو غير المخطط يمثل نحو 50% من الكتلة العمرانية لكل المدن والقرى المصرية، لافتا إلى أنه اعتباراً من منتصف الثمانينيات حتى عام 2015، وصلت نسبة النمو العشوائي في بعض الأحيان إلى أكثر من 70% من حجم البناء الذي يتم، وهو الوضع الذي أدى إلى ظهور حجم هائل من المشكلات والتحديات، التي نلمسها على أرض الواقع كدولة ومواطنين.
وتطرق رئيس الوزراء، خلال حديثه، لما حدث في قرى وريف مصر، موضحاً أن القرى عبارة عن تجمعات سكنية صغيرة تخدم الرقعة الزراعية الكبيرة التي كانت تتمتع بها مصر، لتأمين مصادر الغذاء لكل المصريين، مضيفاً أن هذه الرقعة الزراعية شهدت زحفا عمرانيا بشكل عشوائي غير مخطط على الإطلاق، ويتميز بأنه نمط غير متدرج للبناء أي نمو متبعثر، فضلا عن انتشار "العِزب" والتوابع للقرى غير المرتبطة بالكتلة السكنية، وهو ما مثل ضغطا كبيرا على الدولة، مشيراً في هذا الصدد إلى أنه اعتباراً من عام 1980 حتى الآن فقدنا 400 ألف فدان من الأراضي الزراعية، 90 ألف منها خلال الفترة من 2011 حتى الآن، وهو ما يُعد كارثة حقيقية، لأنه نتج عن ذلك فقدان مصدر من مصادر الغذاء للمصريين، إلى جانب فقدان العديد من فرص العمل التي كانت مرتبطة بالنشاط الزراعي، وهو ما ألقى عبئا كبيرا على الدولة تمثل في الاضطرار إلى استصلاح مساحات مماثلة في الصحراء لتعويض هذه المساحات الشاسعة من الأراضي الزراعية.
وقال رئيس مجلس الوزراء: تتكلف الدولة ما يتراوح بين 150 إلى 200 ألف جنيه لاستصلاح مساحة فدان في الأرض الصحراوية، أي أنه لا بد من إنفاق نحو 18 مليار جنيه لتعويض الـ 90 ألف فدان المهدرة من الأراضي الزراعية، مع الأخذ في الاعتبار أنه لن يتم تعويض هذه الآلاف من الفدادين، التي فقدناها، بين عشية وضحاها، إذ أن هذا الأمر يتطلب فترات طويلة للغاية حتى ننتهي من عمليات الاستصلاح ونستطيع تعويضها، وما يتضمنه ذلك من مد شبكات ري، وخطوط كهرباء، وأماكن للسكن للمواطنين الذين سيستقرون بها.
وأضاف رئيس الوزراء : الأمر لا يتوقف عند هذا الحد فيما يتعلق بفقدان الرقعة الزراعية والبناء عليها بشكل عشوائي؛ فبمجرد تواجد الأهالي في هذه التجمعات غير المخططة والعشوائية يقومون بطلب مد المرافق من شبكات صرف صحي وخدمات أساسية، ومدارس، ووحدات صحية وغيرها؛ فأصبحت الدولة تلهث وراء هذه الأماكن العشوائية لتوفير كافة المرافق والخدمات لها، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى انتزاع ملكية أراض زراعية أخرى لإقامة محطة للصرف الصحي، أو مياه الشرب، أو إنشاء مدارس لتعليم أبنائهم.
ولحرص الدولة على توفير هذه المرافق لأهالينا في القرى، نضطر لنزع ملكية أراض أخرى، وتعويض أصحاب هذه الأراضي، وهو ما يكلف الدولة الكثير، إضافة لتكلفة مد شبكات المرافق بأطوال أكبر ومحطات أكبر؛ للوصول إلى هذه التجمعات العشوائية داخل الأراضي الزراعية، وكان من الممكن أن تكون تكلفة توصيل هذه المرافق أقل بكثير للغاية، إذا ما كان نمو المباني يسير بشكل مخطط.
ولتوضيح حجم مشكلة المباني المخالفة، ضرب رئيس الوزراء مثالا بالريف المصري، لافتا إلى أنه في عام 2014 ، وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بالبدء في تنفيذ مشروع كبير يتمثل في توصيل الصرف الصحي لكل القرى، مشيرا إلى أنه كان مسئولا عن هذا الملف آنذاك حينما كان يتولى وزارة الإسكان والمرافق، وقال إن حجم تغطية الريف المصري من الصرف الصحي كان لا يتجاوز 12% من الريف، ولم تكن تكلفة إجمالي المشروعات تتجاوز 180 مليار جنيه لخدمة باقي الريف، وأصبح حجم التغطية الآن نحو 40% من الريف المصري، ومع استمرار النمو العشوائي والعزب وتوابعها، فأصبحت تكلفة التغطية تتضاعف، الأمر الذي جعل الحكومة بحاجة إلى ضخ أكثر من 300 مليار جنيه في هذا الأمر، وإذا ما أخذنا في الاعتبار استمرار الوضع الحالي كما هو دون تغيير عشوائي إضافي، فنحن نحتاج لوقت وجهد كبير ومستلزمات ومعدات تصنع خصيصا لهذا الغرض، وهو ما يستلزم فترات زمنية أطول يمكن أن تمتد إلى 10 سنوات حتى ننتهي من تغطية الريف بشبكات الصرف الصحي، مع استمرار هذا النمو العشوائي، وكأننا نسير إلى سراب لن يتحقق، أو في حلقة مفرغة لن نستطيع الخروج منها بهذا الوضع.
أما في المدن وفي العمران القائم، فنحن نواجه ظاهرتين على نفس النمط على أطراف المدن بصورة أكثر تعقيدا، فبدلا من بناء سكن لأسرة في الريف أصبح هناك مواطنون في المدن ينشئون أبراجا سكنية مخالفة، وباتت هناك كتل سكنية متبعثرة بالطوب الأحمر على المحاور والطرق السريعة، تشوه المظهر الحضاري للدولة، وتضطر الدولة لإزالة مئات الوحدات السكنية لمجرد فتح محور للتيسير على حركة المواطنين، ناهيك عن توفير خدمات في هذه الأماكن.
والظاهرة الأخرى تتمثل في الأحياء القائمة مثل الدقي ومصر الجديدة والعجوزة التي كانت مخططة بطريقة سليمة لا تتجاوز 4 طوابق في شوارع عريضة مناسبة، حيث يلجأ الكثيرون إلى هدم المباني القديمة في هذه الأحياء، وإقامة أبراج سكنية مرتفعة تصل إلى 12 طابقا، رغم حصوله على هدم المبنى وإقامة 3 أو 4 طوابق فقط، وهو الأمر الذي يمكن وصفه بتسرب العشوائية إلى الأحياء المخططة أيضا، مما أدى للضغط على شبكات المرافق، لأنها كانت تستوعب أعدادا معينة من السكان، لكن مع إقامة طوابق مخالفة أصبح عدد السكان أضعاف أضعاف ما يمكن أن تتحمله هذه المرافق.
وتطرّق رئيس مجلس الوزراء إلى مشكلة كانت قائمة ما بين عامي 2014 و2015 ونجحت الحكومة في التغلب عليها وإيجاد حلول لها، وتتمثل في حدوث نقص وضعف لضخ مياه الشرب النقية داخل بعض الأحياء بالعاصمة، وأيضا في محافظة الجيزة، ولاسيما في مناطق مكتظة مثل فيصل والطوابق والهرم ومنشية البكاري بسبب نمو ظاهرة المباني المخالفة العشوائية، وهو ما دعانا إلى إقامة محطات مياه هائلة لخدمة هؤلاء المواطنين رغم أن مبانيهم متجاوزة ومخالفة، وقمنا بتنفيذ العديد من المشروعات تغطي هذه المنطقة لمدة 10 سنوات، إلا أن ما حدث أنه في غضون 3 سنوات فقط، عادت بعض المشكلات في الظهور مرة أخرى، وبدأنا في تنفيذ مشروعات جديدة.
وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه في ظل ما وصلنا إليه من شكل غير حضاري لكتل سكنية غير منظمة ومتناثرة، كان لابد من وقفة حاسمة من جانب الدولة، لنحافظ على المظهر الحضاري لدولة عريقة؛ فمع كل الجهود التي تُبذل في إطار حجم الإنفاق الهائل على المشروعات التي تم تنفيذها خلال السنوات الخمس الماضية، لنبني دولة جديدة حقيقية، كان لابد من هذه الوقفة.
اقرأ أيضاً
- رئيس الوزراء يعلن الأحد المقبل إجازة رسمية بمناسبة عيد الميلاد
- مدبولي: يتابع أولويات الإفراج عن السلع والبضائع المختلفة لتوافر السلع في الأسواق وتوازن الأسعار
- رئيس الوزراء من الأسكندرية العمل في الموانئ على قدم وساق لخروج كل السلع والبضائع للأسواق
- رئيس الوزراء: بدء الترتيبات الخاصة بالإفراج عن كل السلع الموجودة في الموانئ تباعاً
- عبد العزيز السيد: أزمة الاعلاف تهدد مستقبل صناعة الدواجن ويجب الالتزام بخطة رئيس الوزراء
- رئيس الوزراء يتفقد سير الأعمال بمشروع تنمية جنوب الوادى بتوشكى
- رئيس الوزراء: مهلة محددة لإعلان الأسعار على جميع السلع
- مدبولي: الدولة لن تسمح بعدم استقرار قطاع صناعة الدواجن
- السيسي يجتمع برئيس الوزراء ووزيرة التعاون الدولي لاستعراض نتائج قمة المناخ
- رئيس الوزراء يلتقي نظيره اللبنانى على هامش فعاليات اليوم الثاني لقمة المناخ COP27
- رئيس الوزراء يتفقد جناح وزارة الزراعة في المنطقة الخضراء بمدينة شرم الشيخ
- رئيس الوزراء يدشن مجلة ” آفاق المناخ” كإصدارة جديدة لمركز معلومات مجلس الوزراء