الفطر الأسود .. القصة الكاملة لأصل الوباء وأعراضه وعلاجه
جهاد نادرلم يكف العالم عن الهلع والفزع من وباء كورونا اللعين، الذي أسقط ملايين الضحايا في العالم، وذلك وسط موجات متتالية من تمحور الفيروس، حيث يكافح الأطباء، وتواصل شركات الادوية انتاج اللقاحات المختلفة، على أمل القضاء على عداد الوفيات المتزايد عالمياً نتيجة كوفيد – 19.
مرض الفطر الأسود
هنا، وفي هذه الاثناء، ظهر نوع جديد من الرعب، بدأ من بلد عدد سكانه يفوق الـ مليار و300 مليون نسمة، عبارة عن عدوى فطرية قاتلة تؤثر على مرضى فيروس كورونا، أو أولئك الذين تعافوا من المرض.
الحالة المهددة للحياة، المعروفة باسم فطر الغشاء المخاطي، نادرة نسبيًا، وأعلنت الحكومة الهندية – موطن الوباء الجديد – ان نحو 9 آلاف حالة ظهرت حتى الآن في ثاني بلدان العالم سكاناً، مما أدى إلى نقص عقار "أمفوتيريسين بي"، وهو الدواء المستخدم لعلاج الحالة.
اقرأ أيضاً
- يدمر البصل والثوم..تعرف علي عفن الجذر القرنفلي
- خبير زراعي يكشف حقيقة الفطر الاسود في البصل.. جراثيم لا تسبب أمراضاً للإنسان و الحيوان
- تاج الدين: تجاوزنا قمة الموجة الثالثة وبدأت الاعداد المصابة بكور نا تتناقص
- حقيقة تسبب عفن البصل في الإصابة بالفطر الأسود
- عميد زراعة عين شمس يكشف الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفطر الأسود
- ظهور مرض الفطر الأصفر الأكثر فتكا وخطورة من الأسود
الفطر الأسود في مصر
هذا الداء الذي أصاب مصر بالخوف، جاء بعد رحيل الفنان الكبير سمير غانم، وذلك اعلان شقيقه، أن "فطوطة" أصيب بالمرض بالفطر الأسود في عينه قبل وفاته مباشرة، ليكون واحدا من الأسباب التي أدت لوفاته قائلا "هو من أسوء الأمور التي يتعرض لها الإنسان".
وينتج فطر الغشاء المخاطي عن التعرض لعفن المخاط، والذي يوجد عادة في التربة والهواء، وبالتالي فهو أيضاً بداخل الأنف والمخاط عند البشر.. وينتشر الفطر عبر الجهاز التنفسي ويؤدي إلى تآكل هياكل الوجه، مما يضطر الأطباء إلى استئصال العين جراحيًا لمنع وصول العدوى إلى الدماغ.
وبعد ان أعلنت السلطات الصحية في نيودلهي عن ظهور الفطر الأسود الذي يلازم مرضى كورونا في تحوره الجديد، وتسبب في وفاة الفنان سمير غانم، فقد تصدر هذا الأسم محركات بحث جوجل، وجاء السؤال الأكثر جدلاً.. هل خرج المرض من موطنه الأصلي "الهند"، التي أطلق عليها ذات مرة اسم "صيدلية العالم"، وانتقل لدول أخرى، ووصل إلى مصر ؟
ما هو وبار الفطر الأسود ؟
داء الفطر الأسود هو نتيجة عفن موجود في التربة والمواد العضوية المتحللة مثل الأوراق المتعفنة، وذلك وفقاً لما أشارت إليه المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها
ويصاب الناس بداء الفطريات – الذي توجد منه عدة أنواع – عن طريق استنشاق الخلايا الفطرية (الأبواغ) التي يمكن أن تنتشر في المستشفيات والمنازل عن طريق أجهزة ترطيب الهواء أو قوارير الأكسجين التي تحتوي على مياه قذرة.
داء قاتل:
شدد الخبراء، على ضرورة اكتشاف العدوى بشكل مبكر لأنها عدوانية، وكشط الأنسجة الميتة وإزالتها، وقد يُضطر الجراحون أحيانًا إلى إزالة أنف المرضى أو عيونهم أو حتى فكهم لمنع الفطر من الوصول إلى الدماغ.
وتعد هذه العدوى قاتلة إذ يموت أكثر من نصف من يصاب ويبلغ متوسط معدل الوفيات 54%، وفقًا للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها.
وبمجرد الإصابة، يكون المريض معرضًا للموت في غضون أيام، ولكن المرض ليس معديًا، وبشكل عام، تصد دفاعات الجسم الفطريات التي تؤثر فقط على من يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة، مثل المرضى الذين أجريت لهم عملية زرع أو مرضى السرطان.
ما هي أعراض الإصابة بالفطر الأسود ؟
قد يؤثر الفطر الاسود على أجزاء مختلفة من الجسم، ويظهر مجموعات مختلفة من الأعراض، خاصة إذا تكونت العدوى في الجيوب الأنفية والدماغ..
1- الحمى.
2- تورم الوجه من جانب واحد.
3- صداع.
4- احتقان الأنف أو الجيوب الأنفية.
5- آلام في الصدر.
6- ضيق في التنفس.
وايضاً قد تظهر أعراض اخرى، مثل آلام في البطن، غثيان وقيء، وحدوث نزيف في الجهاز الهضمي، وذلك في حال تسبب الفطر في مهاجمة داء الغشاء المخاطي الجهاز الهضمي.
المرضى الأكثر عرضة للخطر؟.. كورونا في المقدمة:
هناك بعض العوامل الخطرة التي يسببها مرض الفطر الأسود، أبرزها تدني ونقص المناعة، فالأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالفطريات المخاطية لديهم ضعف في الجهاز المناعي مما يجعلهم عرضة للمرض بالفطريات، وهذا يشمل المصابين بكورونا، ومرضى الإيدز.
بعد الإصابة بفيروس كورونا وأمراض أخرى غيره، يمكن أن تحدث ظاهرة خطيرة تسمى "عاصفة السيتوكين" تحدث بسبب إفراط جهاز الجسم المناعي في رد فعله لمحاربة الفيروس عبر إفراز كمية كبيرة من السيتوكين، الأمر الذي يتسبب في تلف الأعضاء.
في هذه الحالة، يلجأ الأطباء إلى وصف المنشطات، "ستيرويد"، لتقليل الاستجابة المناعية. لكن كلاهما يضعف دفاعات الجسم ويزيد من مستويات السكر، مما يؤدي إلى نمو الفطريات التي تتغذى عليه.
كما أن هناك مجموعات معينة من الأشخاص أكثر عرضة للإصابة بالفطريات المخاطية، وهم:
- الأشخاص المصابين بمضاعفات مرض السكري.
- مرضى السرطان.
- مرضى زرع الأعضاء، وزرع الخلايا الجذعية.
- من لديه انخفاض في عدد من خلايا الدم البيضاء.
- تعاطي المخدرات بالحقن.
- ممن يعانون من سوء التغذية.
العوامل الأخرى التي تساعد على انتشار المرض؟
مرضى السكري الذين لديهم أيضًا مستوى مرتفع من السكر في مجرى الدم، هم أيضًا أكثر عرضة للإصابة، ويجب ان نذكر ان بعض المستشفيات والأطباء قد بالغوا في وصف الستيرويد، كما أن بعض الناس تناولوها في المنزل من دون استشارة طبية.
هذا ما أكده البروفيسور سريناث ريدي من مؤسسة الصحة العامة الهندية، حيث علق قائلاً: "بدأ الناس في استخدامها دون ضوابط وعلى نحو مفرط وغير مناسب".
أزمة "شح" الأدوية المعالجة لهذا الوباء ؟
بالفعل، هناك نقص حاد في دواء "أمفوتريسين ب" الرئيسي المضاد للفطر الأسود لعلاج العدوى، لذا تسعى الحكومات وشركات الأدوية المختلفة، لزيادة الإنتاج.
وتشرح أموليا نيدي الناشطة في المجال الصحي أن حكومة الهند فشلت في وقت سابق في الاستعداد وتخزين إمدادات كافية من أدوية فيروس كورونا مثل ريمديسفير والبلازما، مؤكدة ان الدولة الهندية كررت الخطأ نفسه مع الفطر الأسود.
وأضافت : "كان يجب على الحكومة أن تتصرف عندما أبلغت بأولى حالات الفطر الأسود"، معتبرة أنه "لا يفترض أن يتوسل الناس من أجل الحصول على أدوية أساسية تنفذ حياة مرضاهم".
رئيس أقسام الباطنة والمناعة بعين شمس يوجه نصيحة خطيرة:
يقول الدكتور أشرف عقبة، رئيس أقسام الباطنة والمناعة بجامعة عين شمس، إنّ "الفطر الأسود يصيب الحالات التي تعاني من نقص المناعة والسكر غير المنضبط، وأن ظهور العديد من الحالات المصابة به مؤخرًا يأتي بسبب دخول عدد كبير من المصابين للعناية المركزة وزيادة الأكسجين الرطب".
وتابع عقبة في تصريحات صحفية، قائلاً: "الفطر الأسود يسبب إصابات بالغة ينتج عنها تلف في الأنسجة ويحتاج لتدخلات جراحية وعلاج مضاد للفطريات، وارتفاع الإصابة به في الهند يأتي لأن الهنود يعانون من الإصابة بالسكر غير المنضبط بكثافة".
بقى ان نقول، أن الفطر الأسود له علاج دوائي بشرط ان يتم تشخيصه في مرحلة مبكرة، ولكن في حال تأخر الحالة قد يتم استئصال الجزء المصاب سواء في العين أو الأنف أو جزء من الوجه وقد يصل إلى المخ، وقد يحدث الإصابة بالفطر الأسود بسبب استعمال الأدوية والمضادات الحيوية أو بروتوكول كورونا دون استشارة طبيب.