القمح الصيفي في السودان .. تجربة قد تقضي على الجوع عالمياً
الخرطوم (سونا)- في بقعة نائية تكاد لا تظهر على باحث خرائط قوقل، استطاع احد المزارعين السودانيين تطبيق تجربة غير مسبوقة تكاد تخالف نواميس الزراعة اذ تمكن من زراعة محصول شتوي في الصيف ونجح في ذلك ايما نجاح قد يجعل قوقل يسعى وراء منطقته منذ اليوم.
في شمال السودان، محلية مروي وفي منطقة نائية تدعى (اوسلي بحري) منطقة بجبوج، تفتقت في ذهن احد الصبية حينها من ابناء المنطقة وابن تربال فكرة ربما غيرت مؤشر الاقتصاد السوداني الى ان يصبح قبلة المجتمع الإقليمي و الدولي في التزود بالقمح كواحد من المحاصيل التي تعتمد عليها كثير من الشعوب في غذائها اليومي .. القمح.
اقرأ أيضاً
وعادة ما يزرع القمح وينمو القمح في المناطق الباردة عموما في درجات حرارة 10 – 24 مئوية ولذلك يكثر زرعه في المناطق الباردة كالاتحاد السوفيتي و كندا مثلا و في المناطق المرتفعة عن سطح البحر عموما لبرودتها حتي يتم الحصول على أفضل محصول. الا ان تجربة المزارع عبد الفتاح قد تغير هذه المعادلات والموازين اذ سيصبح في الامكان زراعة القمح صيفا في شمال السودان وهو اقرب الي المناخ الصحراوي البارد القارس شتاءا و الحار جدا و الجاف صيفا.
عبد الفتاح محمد السخي، كان صبيا 14 عاما حينذاك ظل يلازم والده المزارع محمد السخي في زراعة حواشته الصغيرة ، قال انه بدأ تجربة زراعة القمح الصيفي قبل ربع قرن من الزمان، ١٩٩٧م، بنفس المنطقة في جزيرة (بجبوج) في مساحة تبلغ حوالي الفدانين فقط. كانت المساحة مجهزة ومسمدة وبلغ انتاج الفدان الواحد حينها 22 جوالاً .
وأوضح السخي أن التجربة الثانية تمت هذا العام ٨ مارس 2021 وحصد منها إنتاجية عالية ايضا رغم صغر المساحة ورغم عدم استخدام أي نوع من انواع السماد هذه المرة. و قال ان البذور (التيراب) المستخدم في العروة الصيفية هو نفس تيراب العروة الشتوية وهو (جيزه).وكشف السخي عن احد اسرار تجربته و هي حاجة قمح العروة الصيفية لمياه لا تنقطع لكونه محصول لا يتحمل الجفاف. و ربما امسك عن كشف المزيد لحماية التجربة السودانية الوليدة و الناجحة. فقد جرب الناس زراعة القمح صيفا و لكنهم فشلوا.
وأشار السخي الى أن التجربة الثالثة ستكون في الأول من يوليو القادم تليها زرعة الأول من سبتمبر المقبل، وبدأ السخي متفائلا وقال إذا اهتمت الجهات المسئولة بالتجربة وعملت على دعمها وتطويرها مع عدد من المزارعين سيكون السودان فعلا سلة غذاء أفريقيا والعالم.
وعن التحديات التي واجهت عبد الفتاح قال انه وعند بداية تجربتة قوبل بالتهكم وجرت محاولات كثيرة لإقناعه بالعدول عن الفكرة من قبل المزارعين وحجتهم أن التجربة لن تنجح اذ ان المجرب لا يجرب!!! الا انه وبعد ان ثبت عكس ذلك وانتجت التجربة الأولى والثانية بدأ بعضهم يفكر في خوض التجربة.
وناشد السخي الدولة بالاهتمام بفكرة القمح الصيفي في منطقتهم َوالمناطق المشابهة خاصة أنه لا يحتاج للسماد أو المبيدات ويزرع في كل المناطق المروية مما يقلل التكلفة ويجود الإنتاج.
و من جهة اخرى أكد مدير زراعة محلية مروي عثمان محمد عثمان ان تجربة زراعة عروة صيفية للقمح ستكون فتحا جديد علي السودان .
وقال " عندما زرت الحواشة قبل اسبوعين من الحصاد في مرحلة النمو الخدري ما رايته من نجاح للتجربة اثار اهتمامي واعتبر نجاح القمح الصيفي في مرحلة النمو الخدري طفرة ونمو ممتاز واضاف "فورا اتصلت بالبحوث الزراعية ( محطة بحوث مروي ) بالمحلية للوقوف علي التجربة وبالفعل حضروا وشاهدوا واثنوا علي التجربة واكدوا انهم سيتابعون التجربة باجراء اللازم فيما يخص زراعة القمح الصيفي في مراحله الثلاث النمو الخدري، الجزري ،والثمري والمتابعة باضافة الجرعات الموصي بها من الاسمدة بالتنسيق التام بين ادارة بحوث محلية مروي وادارة الزراعة والذي يمثل الجانب العلمي والبحثي باكمال التجربة بشاهد معملي واعطاء التوصية المثلي باعتماد الموسم الثاني لزراعة القمح الصيفي."
واكد عثمان التزام ادارتة الكامل للمزارع عبد الفتاح السخي بكافة المعينات اولها الوقود تشجيعا للتجربة التي يرجي منها الكثير .
ودعا عثمان ادارة التقاوي والبحوث لتوفير الصنف الجديد والجيد من التقاوي وهي ما يدعي (اساس) منبها الي انهم الان يزرعون اجيال التقاوي صنف امام منذ ما يقارب الست او السبع سنوات ويعتبر القمح واحداً من أهم المحاصيل الغذائية بالإضافة للأرز والذرة. والقمح هو أحد محاصيل الحبوب التي يرجع منشأها إلى منطقتي الشرق الأدنى والمرتفعات الأثيوبية.
ويذكر انه من بين كل المحاصيل يعتبر القمح أكثر تكيفاً وأكثر غلة وينمو القمح في المناطق الباردة على درجات حرارة 10 – 24 مئوي ولذلك يزرع في المناطق المرتفعة عن سطح البحر للحصول على أفضل محصول. الا ان تجربة المزارع عبد الفتاح غيرت الموازين واصبح يمكن ان يكون هناك قمح صيفي اذا توافرت المياه خصوصاً للإنبات وفي بداية نمو المحصول وتطوره.