مواصفة واجبة للدواجن واللحوم
بقلم محمود البرغوثي الأرض
أليس من حق المستهلك معرفة المواصفة القياسية (صحيا وتجاريا) لكل ما يشتريه من سلع تخص غذاءه وكساءه ودواءه؟
مؤكد: ستكون الإجابة داعمة لحق المستهلك في وضع مواصفة قياسية صحية وتجارية للأغذية الأكثر أهمية، وأخص هنا الدواجن، سواء كانت وطنية أم مستوردة.
والحديث عن المواصفة القياسية للدواجن، قد يُغضِب المنتجين المحليين، لكنهم مدعوون للتمهل ودراسة ما يثار هنا، قبل إطلاق رصاصات الحُنق.
اقرأ أيضاً
- صناعة الدواجن بلا أب شرعي
- جمعية تطوير صناعة الدواجن: السماسرة حققوا مكاسب كبيرة على حساب المربي والمستهلك
- حوار البيض و”الفشفاش”
- طبق بيض «يكسف».. واقتراح للبنك الزراعي
- تسريبات بيض المائدة
- الدواجن والبيض .. البروتين المظلوم
- أرز ودجاج .. طبخة الحرب على أوكرانيا
- تعذيب صغار منتجي القمح
- عوامل نجاح عملية تسويق الدواجن
- الأرض تنعى الحاج عوض محمد العدل وتعزي أسرته
- القمح والدجاج على ميزان الأسمدة
- خسائر الدواجن لصالح من؟
كل منتجي الدواجن في مصر يعرفون جيدا مخاطر الاستيراد، خاصة في ظل الأزمات، التي منها: تراجع الإنتاج المصري اليومي عن الحد الآمن (نحو 3.6 مليون دجاجة يوميا)، وذلك لعدة أسباب، أهمها حاليا توقف الكثير من المنتجين بسبب ارتفاع تكلفة الإنتاج، سواء في التسمين أو البيّاض.
وهنا، يأتي دور "المواصفة القياسية" للحوم، وليس هناك من يضع هذه المواصفة سوى أهل الخبراء البيطريين، وعلماء تغذية الدواجن، واختصاصيي تغذية الإنسان، لتكون المواصفة مقياسا لا يمر منه إلى المستهلك سوى اللحوم التي خضعت في مجزرها أو محل تجهيزها إلى شروط التوصيف والتقييس.
ولكي نوضح المسألة، فإن جودة اللحوم تحديدا ترتبط بخلو الذبيحة من الدماء تماما، وبنسبة المياه في أنسجة الدجاجة بعد الذبح وإزالة الريش والجلد والأحشاء، ونزع الوسادة الدهنية الخلفية، والأخيرة تكون سببا رئيسيا في تسريع الفساد البكتيري.
ومن المواصفات القياسية للحوم الدواجن التي ترفع قيمتها تسويقيا، احتساب الجلد والأحشاء الداخلية والهيكل العظمي مخلفات واجبة الإعدام الصحي، وليس فرمها وبيعها لمصانع "لانشون الدواجن"، والأخيرة خِدعة للمستهلك، كونه ليس عليما بطبيعة ما يشتريه ليأكله.
من المؤكد أن حرارة المُنتِج وضغطه الدموي سيرتفعان لهذا الحديث، حيث يرى أن شروط التوصيف هذه ستحرمه من تحصيل قيمة وزن الغدة الدهنية المطلوب نزعها، كما أنه سيخسر ما يحصل عليه من بيع "مفروم المخلفات"، لكنه موعود بالإيجابيات التالية:
- ضمان مرور الدواجن المستوردة من بوابة المواصفة القياسية المصرية، وهي لا تتوافر إلا في دواجن دول أوروبا التي تطبق هذه المعايير.
- إلزام المستورِد بهذه المواصفات يلقي به في سوق الدول التي تباع فيها الدواجن بسعر لا يقل عن 4 دولارات للكيلو، وهو سعر غير منافس بالمرة للدواجن الطازجة المحلية، حتى في أوج الأزمة وغلاء الأسعار.
- سوف لا يجد المستورِد فرصة لاستيراد مجزءات خلفية (أوراك)، كونها تختزن دماء تجمدت في أنسجتها، بفعل توقف القلب قبل ذبحها، نتيجة الصعق الكهربائي، وهو إجراء تفرضه منظمات الرفق بالحيوان لتخفيف الألم على الدواجن أثناء ذبحها حية على الطريقة الشرعية التقليدية.
- سيفوز المُنتِج بتأهيل إنتاجه ومجزره إلى مستوى يليق بذوق المستهلك المحلي، كما يرقى تلقائيا إلى مرتبة التصدير، وبالتالي تحقيق القيمة المضافة من بيع فائض الإنتاج خارج السوق المحلية.
* يبقى أن نشير هنا إلى أن هناك تجربة سابقة لعالِم بيطري كان قد عكف على إعداد مواصفة قياسية للحوم، نحو 6 أشهر، قدمها إلى جهة سيادية وطنية، أملا في فرض تطبيقها، لكنها اصطدمت بمخاوف مربين كبار من فقد "الجلد والأحشاء والهياكل"، ليظل إنتاجهم دون طلبات الفنادق، وبالتالي دوام "الاستيراد"، ليخسر المربي المصري "الجلد والسقط" أيضا