أبوالغيط: نقص المياه له دور في اندلاع الاضطرابات ببعض الدول العربية
أ ش أأكد السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن ظاهرة نقص المياه في بعض المناطق العربية، لها تجليات اجتماعية واقتصادية خطيرة ولها دور في اندلاع الاضطرابات في بعض الدول العربية كسوريا .
جاء ذلك خلال كلمة أبو الغيط اليوم أمام الجلسة الافتتاحية للدورة الخامسة للجمعية العمومية للمجلس العربي للمياه.
وقال "أبوالغيط": "لقد شهدنا ما يُمكن أن تفرز ظاهرة نقص المياه من مظاهر انعدام الاستقرار والاضطرابات والعنف.. لقد صار من الثابت أن موسم الجفاف الذي سبق اشتعال الأوضاع في سوريا واستمر لسنوات، كان مسئولًا ولو بصورة جزئية عن تردي الأوضاع في المناطق الريفية وهجرة مئات الآلاف إلى المدن، بما تسبب في خلق حالة عامة من الاضطراب والتوتر الأهلي وبيئة تُساعد على العنف وتجنيد المتطرفين".
وأشار إلى أنه في اليمن، ثمة نقصٌ خطير في الموارد المائية سابق على الحرب الحالية، وكان له دور من دون شك في مفاقمة معاناة السكان وزيادة الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.
وقال: "لا ننسى أبدًا معاناة الفلسطينيين وما تتعرض له مياههم وخزاناتهم الجوفية في الضفة الغربية من سرقة ونهب على يد سلطات الاحتلال التي تضخ هذه المياه المنهوبة في مستوطنات غير قانونية أُقيمت على أرض محتلة.. في تناقض صارخ ليس فقط مع القانون الدولي وإنما مع الضمير الإنساني".
وأكد أن قضية المياه، بكافة أبعادها البيئية والاقتصادية والاجتماعية وبالطبع السياسية والاستراتيجية، لا زالت تقع في القلب من التحديات التي تواجه العالم العربي في السنوات والعقود القادمة، مشيرًا إلى أنها قضية الحاضر والمستقبل للجيل ولا يُمكن أن نتعامل معها - كشعوب وحكومات - سوى بالمسئولية الكاملة واليقظة القصوى والانتباه إلى حاجات اليوم واحتياجات المستقبل القريب والبعيد.
ولفت إلى أنه أصبح لقضية المياه حضور ملموس على الأجندة الدولية .. كما تصاعد الحديث عن مخاطر الجفاف ونُدرة المياه في المستقبل، والاستراتيجيات المختلفة للتعامل مع أوضاعٍ قد لا يكون بالإمكان التنبؤ بأبعادها الخطيرة على نحو كامل في الوقت الحالي، ولكننا نعرف يقينًا أنها ستكون أكثر صعوبة وستمثل ضغوطًا إضافية على الموارد المائية للكوكب في ظل تصاعد السكان والحاجة إلى التنمية، والسعي إلى توفير الغذاء.
وأضاف " زاد على هذا كله بُعد صار حاضرًا بقوة في كافة المناقشات حول ندرة المياه، ألا وهو التغير المناخي الذي يُفاقم من خطورة أوضاع هشة من الأصل.. ويزيد من صعوبة التعامل مع هذه الأوضاع.. لقد رأينا في الفترة الأخيرة بعض المظاهر الخطيرة الناتجة عن التغير المناخي.. حيث كادت مدينة كيب تاون تصير الأولى من بين الحواضر الكبرى التي تواجه ظاهرة نفاد المياه اللازمة لإعاشة السكان.. وشهدنا من قبل ظاهرة مماثلة في ساوباولو بالبرازيل .. وكلها أحداث تدق جرس الإنذار وتُنبه لضرورة التصدي للمشكلة بالتخطيط والاستعداد الكامل قبل أن تداهمنا".
وتابع: "ليس خافيًا عليكم جميعًا أن المنطقة العربية تُعاني من الندرة المائية، كما تواجه درجات مختلفة من الجفاف الذي ستزداد حدته مع الوقت في بعض المناطق بسبب ظاهرة التغير المناخي.. والمنطقة العربية هي أيضًا صاحبة أكبر عجز غذائي في العالم.. وهي، قبل ذلك وبعده، الأسرع نموًا في عدد السكان- ربما باستثناء إفريقيا جنوبي الصحراء"، مضيفًا "إن أضفنا إلى هذه المعطيات كلها العامل الجيوبوليتيكي الذي يتمثل في حقيقة مؤداها أن 85% من المياه العربية تنبع خارج أراضي الدول العربية سنجد أنفسنا أمام تحدٍ حقيقي بالمعنى الاستراتيجي الشامل".
وأكد أن دور المجلس العربي للمياه يُعد محوريًا في الوصول إلى فهم أعمق وإدارة أفضل للموارد المائية، مشيرًا إلى أن المجلس عمل بشكل غير منقطع خلال الفترة المنصرمة على كافة المحاور الفنية، والمؤسسية، والتنظيمية، وعلى مختلف الأصعدة الإقليمية والدولية.وقال إن الدول العربية تحتاج لعملٍ متضافر في مجال المياه، سواء على المستوى الاستراتيجي أو السياسي أو على المستويات الفنية، مشددًا على أن قضية المياه - وإن كان جوهرها يتعلق بإدارة الموارد - لها أبعادٌ سياسية واستراتيجية تستلزم التنسيق العربي على أعلى المستويات، وعلى كافة الأصعدة.
وأشار إلى أن الأمانة العامة للجامعة العربية ستستضيف في أبريل القادم أول اجتماع مشترك لوزراء الري والزراعة العرب، واصفًا إياها بالخطوة الهامة التي " تعكس إدراكًا للطبيعة المركبة للمسألة المائية، والتي تستلزم تضافرًا للجهد وتنسيقًا للعمل والنشاط، وتعاونًا كاملًا بين المستويات السياسية والفنية في داخل الدولة الواحدة.. وبين الدول العربية وبعضها البعض".
وأعرب أبو الغط عن تقديره للعمل الذي يقوم به المجلس العربي للمياه، مجددًا الشكر للدكتور محمود أبو زيد رئيس المجلس، و الدكتور حسين العاطفي الأمين العام للمجلس لكل ما يقومون به من تعاون مع المجلس الوزاري العربي للمياه من أجل غاية واحدة هي توفير أمن مائي حقيقي للجيل الحالي من العرب، وللأجيال قادمة .