د اسماعيل عبد الجليل يكتب: كيف نهض محمد على الأمي بالزراعة المصرية
كتب: الدكتور إسماعيل عبد الجليلبتغريده على صفحته امس هنأ وزير الزراعه الامريكى توم فيلساك الفلاحين الامريكان بذكرى انشاء وزاره الزراعه فى 15 مايو 1862 حينما وقع الرئيس الامريكى ابراهام لنكولن تشريعا بأنشاءها واطلق عليها أنذاك "وزاره الشعب " Peoples department، وتلقى الوزير عدة تعليقات اثارت فضولي على حال "وزاره الشعب " فى ظل سطوة أصحاب المزارع الكبرى والصناعه التى تضاءلت معها مكاسب صغار المزارعين !! تحسر آخر على وزاره الشعب حينما كانت نسبه الفلاحين تمثل 55 % بينما صارت اليوم 1.3 % فقط !! بينما تهكم آخر ساخراً بأن لنكولن يتلوى الان فى قبره على حال الوزاره مع اداره بايدن النازيه !! وتساءل متى تعود وزاره الزراعه الامريكيه الى سابق عهدها " كوزاره الشعب " ؟؟
تصادف البوست مع كتاب اقرأه حالياً عن تاريخ الزراعه المصريه صدر عام 1950 فى الذكرى المئويه للمغفور له محمد على باشا مؤسس نهضه مصر الحديثه التى قامت على بناء " قدرات مصر الذاتيه " العسكريه والزراعيه والصناعيه والتعليميه للتحرر من التبعيه والحاجه للآخرين .
وجدت تشابها مبكرا بين لنكولن الامريكى (1861-1865) ومحمد على الالبانى ( 1805-1848) فى الرؤيه المشتركه للزراعة على كونها حرفة الشعب ومصدر استقرار الحكم بالرغم من الحداثة النسبية لأنشاء وزاره الزراعه المصريه فى 2013 .
محمد على الحاكم الامى الذى لا يجيد القراءه والكتابه ادرك بالفطره اهميه التعليم الفنى الزراعى فأنشأ العديد من المدارس وارسل كوادرها فى بعثات الى اوربا وصاغ كل سياسات الزراعه بالحوافز الجاذبه للفلاح وليس بالسياسات العقابية الطاردة له كما هو الحال الآن !!. وهو ما اسفر عن زيادة مساحة الاطيان الزراعية من حوالى 3.5 مليون فدانا فى 1813 الى 4.2 فدانا فى 1852 !!. زادت الزراعات الصيفية وخاصة القطن طويل التيله واتسعت مساحتها نتيجة ادخال نظام الرى الدائم فى الوجه البحرى والاكثار من السواقي والتوابيت فصارت بعض الاطيان تنتج محصولين او ثلاثة فى السنة الواحدة بعد ان كانت تنتج محصولاً واحداً مما ادى الى ضرورة زيادة الايادي العاملة فى الزراعة التى كانت تعانى نقص العماله بسبب تجنيد سواعدها القويه فى الجيش والزيادة السكانية المحدوده !!. فماذا فعل ؟؟
• امر محمد على مشايخ القرى بتزويج الاولاد متى وصلوا حد البلوغ ومساعدة الفقراء منهم فى مصاريف الزواج .
• اعفى من التجنيد اهالى مزارعى الارز فى مديريات البحيرة والغربية والدقهلية من الخدمة العسكرية حتى لا تتعطل الزراعه.
• وافق على اقامه مساكن بالكفور حتى يوفر على الفلاح عناء ومشقه الوصول بالمواشى والالات الزراعيه لخدمه اطيان الحيازات الكبيره (3000-5000 ) .
• اعفى الاطيان المنزرعه بالتوت من دفع اى ضرائب ثلاث سنوات من غرس الاشجار لتشجيع زراعته لتربيه دوده القز.
• اعفى الاطيان المنزرعه بالزيتون بمديريه الفيوم والاقاليم الوسطى سنه 1826 من سداد اى التزامات ماليه خمس سنوات.
• عدم فرض الفرده على النخيل الا بعد عشر سنوات من غرسها وفى حالة تعمد اصحابها قطعها بدون مبرر يعاقبون بفرض الفرده عليها طوال حياتهم بالرغم من اقتلاعها !!!.
• منح الاراضى مجانا للأهالى الراغبين فى زراعه اشجار السنط ونبات الفوه العشبى الطبى !!.
محمد على باشا الالبانى الامى الذى لا يجيد القراءه والكتابة كان يؤمن بتحفيز الفلاح ودعمه بمستلزمات الانتاج والالات بقروض ميسره حتى لا يخضع لقروض الربا من الجاليه اليهوديه الشائعه آنذاك وحتى يضاعف انتاجه لتأمن مصر شر استيراد غذاءها لأطعام شعبها وجيشها واسطولها القوى .
لم تذهب المقارنه الذهنيه بواقعنا الحالى اثناء قراءه كتاب من حوالى 400 صفحه حافله بالأسى على حال فلاحنا الذى رفعنا الدعم عنه فى الحقل وننافسه فى السوق ونطارده بالعقوبات !!!