جمعية للرفق بالإنسان


لم تترك الكلاب المنتشرة في شوارع مصر، حتى الراقي منها، عابراً إلا وروعته، طفلاً كان أم شيخاً، أنثى كانت أم رجلاً، ولم يقتصر الأمر على ترويع المارة فقط وإيذائهم النفسي، بل امتد إلى الإيذاء الجسدي بالعض الذي تجيده كلاب الشوارع بالفطرة. وبعد انتشار ظاهرة اقتناء الكلاب الضخمة، باهظة الأثمان، بدأ تدريبها على العض بواسطة مدربين، لاستخدامها كوسيلة أولى للدفاع عن أصحابها، فنراهم فرحين بنظرات الرعب في عيون المارة، خوفا من انفلات السلسلة الشيك المحيطة بأعناق الكلاب، فتقع الضحايا. والذي لا يعلمه الكثيرون، أن معظم الكلاب تحمل في لعابها فيروس لمرض خطير يسمى "السعار"، فإن صادف وعضت إنساناً أو سال لعابها على جرح فيه، انتقل إليه هذا الفيروس الذي يهاجم الجهاز العصبي شيئاً فشيئاً لينتهي برهاب الماء والطعام وفرط الحركة والعض ثم الموت. وتوفر الدولة لهذا السعار أمصالاً غالية الثمن في المستشفيات الحكومية، وينصح بسرعة تناولها والانتظام في جرعاتها بعد العضة مباشرةً علي أن يكون ذلك مسبوقاً بتطهير الجرح بغسله جيداً بالماء الجاري والصابون خلال 10 إلي 15 دقيقة للسيطرة علي هذا الفيروس اللعين. ومما أثار انتباهي ازدياد أعداد مراجعي المستشفى التي أعمل بها لتناول هذا المصل وهذا ما أقره موظف الإستقبال من واقع السجلات أيضاً، وقد استوقفني السماع إلى روايات المصابين المختلفة لحوادث العض والتي شبهها بعضهم بالإرهاب لمحاولة إيجاد حلاً لهذه الظاهرة. هل من حلول للقضاء على إرهاب الكلاب، وهل هناك مختصون بجمع الكلاب الضالة وإيداعها في مكان بمعزل عن المواطنين، والتعامل الجيد مع هذه الأزمة أو حتى لتصديرها إلى دولٍ تعتني بها بطرق ٍتقضي على المرض مثل منع تكاثرها، بتعقيمها بدلاً من أن نستورد كلاباً تصل أثمان بعضها إلى 50 ألف جنيه. ضرب الكلاب الضالة بالخرطوش دفع جمعية "سنار" الأمريكية للرفق بالحيوان، لاتهام مصر بالتجاوز في حق هذه الكلاب، أو بعدم الرفق بالحيوان. كما أن ضرب هذه الكلاب أو قتلها بالسم، يتسبب في ترك جثثها في الشوارع، ما يؤدي إلى إنتشار الأوبئة بدلاً من محاصرتها. فهل لنا ولأطفالنا من مرور آمن في شوارعنا لقضاء مصالحنا ولتجنب الموت بالسعار، ولتوفير ميزانية الدولة في العلاج، لأن الوقاية خير منه، وهل لنا من جمعية للرفق بالإنسان؟!